السلاح (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) والحذر والحذر واحد ، كالمثل والمثل ، والعدل والعدل ، والشبه والشبه ، (فَانْفِرُوا) أي اخرجوا (ثُباتٍ) أي سرايا متفرقين كسرية بعد سرية وجماعة بعد جماعة ، والثبات الجماعات في تفرقه واحدها ثبة (أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً) أي مجتمعين كلّكم مع سلّم واستدل أهل القدر بهذه الآية.
بقوله (خُذُوا حِذْرَكُمْ) قالوا : لو لا أن الحذر يمنع عنهم مكايد الأعداء ما كان لأمره بالحذر إياهم معنى.
فيقال لهم : الائتمار لأمر الله والانتهاء عن نهيه واجب عليهم لأنهم به يسلمون من معصية الله عزوجل لأن المعصية تزل ، فائتمروا وانتهوا عمّا نهوا عنه.
وليس في هذه الآية دليل على أن حذرهم ينفع من القدر شيئا ، وهذا كقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «اعقلها وتوكّل» (١) [٣٧٠].
والمراد به طمأنينة النفس لا أن ذلك يدفع القدر ، كذلك في أخذ الحذر فهو الدليل على ذلك ، أن الله تعالى أثنى على أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم بقوله حاكيا عنهم (لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللهُ لَنا) وأمر بذلك رسوله صلىاللهعليهوسلم كان يصيبهم غير ما قضى عليهم ما كان هذا مني.
(وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَ). قال بعضهم : نزلت هذه الآية في المؤمنين لأن الله خاطبهم بقوله (وَإِنَّ مِنْكُمْ) وقد فرق الله بين المؤمنين والمنافقين بقوله (ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ).
وقال : أكثر أهل التفسير : إنّها نزلت في المنافقين وإنما جمع منهم في الخطاب من جهة الجنس والسبب ومن جهة الإيمان من (لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَ) أي ليثاقلن ويتخلفنّ عن الجهاد والغزو.
وقيل : معناه ليصدّقن غيره ، وهو عبد الله بن أبيّ المنافق وإنما دخلت (اللام) في (من) لمكان (من) كما تقول : إنّ فيها لأخاك فاللام في ليبطئن لام القسم وهي صلة لمن على اعتماد شبه باليمين كما يقال هذا الذي ليقومن وأرى رجلا ليفعلن.
(فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ) أي قتل وهزيمة (قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَ) عهد (إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً) أي حاضرا في تلك الغزاة فيصيبني مثل ما أصابهم ، يقول الله (كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ) أي معرفة.
وقال معقل بن حيان : معناه كأن ليس من أهل دينكم وان نظم الآية وقوله (كَأَنْ لَمْ تَكُنْ) متصل بقوله (فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللهِ) أي فتح وغنيمة (لَيَقُولَنَ) هذا المنافق قول نادم حاسد : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ) في تلك الغزاة (فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً) أي آخذ نصيبا وافرا من الغنيمة.
__________________
(١) سنن الترمذي : ح ٢٥٢٢ كتاب صفة القيامة باب : اعقلها وتوكّل.