وقال بعضهم : أراد (وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) : في نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم (إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ) ، يعني : بيان نعته وصفته في كتبهم.
وقال محمد بن جعفر عن الزبير : نزلت هذه الآية في نصارى نجران ومعناها : (وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) هو الإنجيل في أمر عيسى عليهالسلام ، وفرّقوا القول فيه (إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ) ، بأن الله واحد ، وأنّ عيسى عبده ورسوله (بَغْياً بَيْنَهُمْ) : أي للمعاداة والمخالفة.
(وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) : لا يحتاج الى عقد وقبض يد.
وقال الكلبي : نزلت في يهوديين تركوا اسم الإسلام وتسمّوا باليهودية والنصرانية ، قال الله تعالى : (وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ) قال : دين الله هو الإسلام بغيا منهم فلمّا وجدا نظيره قوله : (وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ) (١) فقالت اليهود والنصارى : لسنا على ما سميتنا به يا محمد إنّ اليهودية والنصرانية سبّ هو الشرك ، والدين هو الإسلام ونحن عليه.
(فَإِنْ حَاجُّوكَ) : خاصموك يا محمد في الدين ، (فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ) : أي انقدت [لأمر الله] (لِلَّهِ) : وحده بقلبي ولساني وجميع جوارحي ، إنّما خص الوجه لأنّه ؛ أكرم جوارح الإنسان ، وفيه بهاؤه وتعظيمه ، فإذا خضع وجهه لشيء فقد خضع له سائر جوارحه التي هي دون وجهه.
وقال الفرّاء : معناه أخلصت عملي لله.
يقال : أسلمت الشيء لفلان وسلمته له ، أي دفعته إليه [......] (٢) ومن هذا يقال : أسلمت الغلام إلى [....] (٣) وفي صناعة كذا. أي أخلصت لها.
والوجه : العمل كقوله : (يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) : أي قصده وعمله. وقوله : (إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى) (٤).
(وَمَنِ اتَّبَعَنِ) : «من» في محل الرفع عطفا على التاء في قوله : (أَسْلَمْتُ) أي : ومن اتبعني أسلم كما أسلمت.
وأثبت بعضهم (٥) ياء قوله : اتبعني على الأصل ، وحذفه الآخرون على لفظ ينافي المصحف [إذا وقعت فيه بغير ياء]. وأنشد :
__________________
(١) سورة البيّنة : ٤.
(٢) كلمة غير مقروءة.
(٣) كلمة غير مقروءة.
(٤) سورة الليل : ٢٠.
(٥) وهم نافع وأبو عمرو ويعقوب راجع تفسير القرطبي : ٤ / ٤٥.