وقال تعالى : (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ) : يعني ملك المعرفة ، كما آتى السحرة : (وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ) ، كما نزع من إبليس وبلعام.
الحسين بن الفضل : (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ) : يعني ملك الجنة كما آتى المؤمنين قال الله تعالى : (وَمُلْكاً كَبِيراً) (١) ، (وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ) : كما نزع من الكفار وأهل النّار.
أبو عثمان : أراد (بالملك) : توفيق للإيمان والطاعة.
وحكى الأستاذ أبو سعيد الواعظ : إنّه سمع بعض زهّاد اليمن يقول : هو قيام الليل.
الشبلي : الاستغناء بالمكون عن الكونين.
الواسطي : افتخر الملوك بالملك. فأخبرهم الله تعالى أنّ الملك [زائل] (٢) عندهم لقوله تعالى : (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ).
قالت الحكماء في هذه الآية : هذا إخبار عن كمال القدرة. وأنّ القادر على الكمال هو القادر على الشيء وضده ، فأخبر أنّه قادر على أن يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء.
(وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ) : قال عطا : (تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ) : المهاجرين والأنصار ، (وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ) : فارس والروم.
وقيل : (تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ) : محمدا وأصحابه حين دخلوا مكة وعشرة آلاف ظاهرين عليها ، (وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ) : أبا جهل وأصحابه حين حزّوا رؤوسهم وألقوا في القليب.
وقيل : (تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ) : بالإيمان والمعرفة. (وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ) : بالخذلان والحرمان.
وقيل : (تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ) : بالتمليك والتسليط. (وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ) : بسلب الملك وتسليط عدوه عليه.
الورّاق : (تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ) : بقهر النفس ومخالفة الهوى. (وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ) : باتباع الهوى.
الكياني : (تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ) : بقهره الشيطان. (وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ) : بقهر الشيطان لنا.
وقيل : (تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ) : بالقناعة والرضا. (وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ) : بالخزي والطمع.
قال الثعلبي (رحمهالله) : وسمعت السلمي يقول : سمعت عبد الله بن علي يقول : سمعت محمد بن الفضل يقول : سمعت الزبير بن عبد الواحد يقول : سمعت بنان الحمّال يقول : الحرّ عبد ما طمع. والعبد حر ما قنع.
__________________
(١) سورة الإنسان : ٢٠.
(٢) كلمة غير مقروءة والظاهر ما أثبتناه.