الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٦) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ (٧))
أخبرنا محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر الزبير ، ومحمد بن مروان عن الكلبي ، وعبد الله بن أبي جعفر الرازي عن أبيه عن الربيع بن أنس ، قالوا : نزلت هذه في وفد نجران ، وكانوا ستين راكبا قدموا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وفيهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم ، وفي الاربعة عشر ثلاثة نفر إليهم يؤول أمرهم العاقب ، وهو أميرهم وصاحب مشورتهم الذي لا يصدّرون عن رأيه ، واسمه عبد المسيح. والسيّد [عالمهم] وصاحب رحلهم واسمه [الأيهم ويقال : شرحبيل] (١) وأبو حارثة بن علقمة الذي يعتبر حبرهم وإمامهم وصاحب مدارسهم ، وكان قد شرف فيهم ودرّس كهنتهم من حسن عمله في دينهم ، وكانت ملوك الروم قد شرّفوه [وموّلوه وبنو له] الكنائس لعلمه واجتهاده.
فقدموا على رسول الله المدينة ودخلوا مسجده ـ حين صلى العصر ـ عليهم ثياب الحبرة وأردية مكفوفة بالحديد ، في جمال رجال بلحرث (٢) بن كعب ، يقول بعض من رآهم من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ما رأينا وفدا مثلهم! وقد حانت صلاتهم فقاموا وصلّوا في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم وصلّوا الى المشرق.
فكلّم السيد والعاقب رسول الله. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أسلمنا. قالا : قد أسلمنا قبلك ، قال : كذبتما ؛ يمنعكما من الإسلام [ادّعاء كما] (٣) لله ولدا ، وعبادتكما الصليب ، وأكلكما الخنزير.
قالا : إن لم يكن ولد لله فمن [أبيه] (٤) وخاصموه جميعا في عيسى عليهالسلام ، فقال لهما النبي صلىاللهعليهوسلم : [إنّه لا يكون ولد إلّا وشبه أباه. قالوا : بلى ، قال : ألستم] تعلمون أن ربّنا حي لا يموت وإنّ عيسى يأتي عليه الفناء؟ قالوا : بلى. قال : ألستم تعلمون أنّ ربّنا قيّم على كل شيء يحفظه ويرزقه؟ قالوا : بلى. قال : فهل يملك عيسى من ذلك شيئا؟ قالوا : لا. قال : ألستم تعلمون (إِنَّ اللهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ)؟ قالوا : بلى.
__________________
(١) تاريخ المدينة لابن شبه : ٢ / ٥٨١.
(٢) للتخفيف وهو بالأصل : بني الحرث.
(٣) في المخطوط : (دعاءكما)
(٤) هكذا في الأصل.