وفي اخرى : «إن كان عبيطا فلا تصلّي ، وإن كان صفرة صلّت» (١).
ولا تتوهّم التعارض بين هذه الأخبار ، لأنّ الصفات المذكورة فيها متلازمة غالبا ، وقد عرفت أنّ منشأ اعتبارها الغلبة ، وعرفت أنّ اعتبارها بالقياس إلى ما يكون في الغالب بصفة اخرى ، ولذا في بعض الأخبار اكتفي بالحمرة (٢) ، لأنّ الاستحاضة أصفر غالبا ، فكما يكون الأسود ليس باستحاضة ، كذلك الأحمر.
وعرفت أنّ هذه الصفات للامتياز عن الاستحاضة ، وعرفت وجهه ، ويظهر ذلك من ملاحظة الأخبار أيضا ، فإنّهم عليهمالسلام في تمييز الحيض عن العذرة وعن القرحة اعتبروا أمرا آخر ، وما اعتبروا هذه الصفات أصلا ، وعرفت وجه هذا أيضا ، لأنّ التمييز بها عنهما فرع أن لا يكونا (٣) بصفة من هذه الصفات غالبا ، وإلّا فكيف يتأتّى التمييز؟
وعرفت أنّهم عليهمالسلام قالوا : «الحيض ليس به خفاء» وأنّه : «أسود يعرف» إلى غير ذلك.
فما قاله في «المدارك» (٤) وتبعه غيره (٥) ـ من أنّ كلّ ما يكون بالصفات حيض إلّا فيما ثبت خلافه ، وكلّ ما لا يكون بها ليس بحيض إلّا فيما ثبت خلافه ، وكذا قال في الاستحاضة (٦) ـ محلّ نظر ظاهر ، لأنّه حيض بالقياس إلى ما لا يكون
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ١ / ٣٨٧ الحديث ١١٩٢ ، الاستبصار : ١ / ١٤١ الحديث ٤٨٣ ، وسائل الشيعة : ٢ / ٣٣١ الحديث ٢٢٨٢ نقل بالمعنى.
(٢) تهذيب الأحكام : ١ / ١٥١ الحديث ٤٢٩.
(٣) في (ز ١ ، ٢) و (ط) : يكون.
(٤) مدارك الأحكام : ١ / ٣١٣.
(٥) ذخيرة المعاد : ٦٢.
(٦) مدارك الأحكام : ٢ / ١٤.