ومع ذلك نقول : على القول بأنّ ما يمكن أن يكون حيضا فهو حيض ، فلا إشكال أيضا ، وهذان الصحيحان من جملة ما يدلّ على ذلك ، وسيجيء الكلام فيه.
مع أنّ كونه حيضا إنّما هو بالصفات الغالبة فيه ، واحتمال الاستحاضة إنّما هو من الصفات الغالبة فيها ، وهما لا يجتمعان ، فظهر أنّ هذا الدم تصلح للحيضيّة والقرحة ، لاستجماعه صفات الحيض ، وعدم إباء القرحة عنها ، فتأمّل!
وما ورد في تمييز الحيض عن القرحة ما رواه في «الكافي» ، والشيخ في «التهذيب» ، ووافقهما الصدوق رحمهمالله عن أبان عن الصادق عليهالسلام : فتاة منّا بها قرحة في جوفها ، والدم سائل لا تدري من الحيض أو من القرحة؟ فقال : «مرها فلتستلق على ظهرها ثمّ ترفع رجليها ثمّ تدخل (١) إصبعها الوسطى ، فإن خرج الدم من الجانب الأيسر ، فهو من الحيض ، وإن خرج من الأيمن ، فهو من القرحة» (٢).
لكن ما في نسخ «الكافي» : «إن خرج من الأيمن فهو من الحيض ، وإن خرج من الأيسر فهو من القرحة» (٣).
والأقرب والأظهر ترجيح الأوّل ، للشهرة بين الأصحاب (٤) إلّا قليل منهم ، فإنّهم أفتوا كذلك ، حتّى أنّ المحقّق نسب ما في «الكافي» إلى الوهم من النسّاخ (٥) ،
__________________
(١) في من لا يحضره الفقيه وتهذيب الأحكام ووسائل الشيعة : بدل ثمّ تدخل : وتستدخل ، وفي الكافي : ثمّ تستدخل.
(٢) الكافي : ٣ / ٩٤ الحديث ٣ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ٥٤ الحديث ٢٠٣ ، تهذيب الأحكام : ١ / ٣٨٥ الحديث ١١٨٥ ، وسائل الشيعة : ٢ / ٣٠٧ الحديث ٢٢٠٩ مع اختلاف يسير.
(٣) الكافي : ٣ / ٩٤ الحديث ٣.
(٤) النهاية للشيخ الطوسي : ٢٤ ، السرائر : ١ / ١٤٦ ، مختلف الشيعة : ١ / ٣٥٥ ، منتهى المطلب : ٢ / ٢٦٩ ، الجامع للشرائع : ٤١ ، جامع المقاصد : ١ / ٢٨٣ ، مسالك الأفهام : ١ / ٦١.
(٥) المعتبر : ١ / ١٩٨ و ١٩٩.