أيضا أنّه أفتى بها ، لأنّه قال بعدها : وروي ستّون.
والدلالة أيضا لا قصور فيها ، لعدم قول بين الشيعة ، بل المسلمين بغير الستّين بعد الخمسين ، ويظهر ذلك من الخبر إذ لم يرد خبر في غيره ، والمجمل يحمل على المبيّن نصّا واعتبارا وإجماعا ، بل لا شبهة في أنّه لا احتمال هنا غيره باتّفاق الأصحاب ، ولا يعارضها صحيحة عبد الرحمن ، ولا كالصحيحة لابن أبي نصر ، لأنّ المطلق ينصرف إلى الغالب ، ومعلوم أنّ الغالب غير القرشيّة.
ولذا إذا وقع الاشتباه في نسب المرأة يكون (١) الأصل عدم كونها قرشيّة ، ولا شكّ في أنّ الأصل هنا هو الراجح لا استصحاب العدم الأصلي.
وفي «المدارك» : يعضد الأصل المذكور استصحاب التكليف بالعبادة (٢) ، وفيه ما عرفت ، مضافا إلى استصحاب كونها ممّن تحيض.
لكن الظاهر أنّه لا تأمّل في أنّ كونها قرشيّة لا بدّ من ثبوته حتّى يجري عليها حكمها ، ولذا لا تعطى الخمس ـ مثلا ـ ، وكذا الحال في سائر الأحكام.
هذا ؛ مع أنّه مسلّم أنّ المطلق يحمل على المقيّد.
وممّا يعضد المرسلة بل ويعيّن العمل بها أنّه وجه جمع ظاهر منصوص من الشارع بين ما دلّ على الخمسين ، وما دلّ على الستّين مع اعتبار الكلّ سندا ، والمفصّل من أحاديثهم يحكم به على مطلقاتها بالنصّ منهم والوفاق ، فالجمع بينهما بأنّ المراد من الخمسين الأفراد الغالبة ، بل عرفت أنّه لا يدلّ على أزيد من ذلك ، والمراد من الستّين التي مثلها لا تحيض أصلا كقبل التسع.
ويشهد على ذلك ـ مضافا إلى ما عرفت ـ أنّ الرواية هكذا : عن عبد الرحمن
__________________
(١) لم ترد في (ز ٣) : يكون.
(٢) مدارك الأحكام : ١ / ٣٢٤.