ويدلّ على ذلك بعد الإجماع ما مرّ من الأخبار الدالّة على ما يميّز الحيض عن العذرة وعن القرحة ، بل ما يميّز عن الاستحاضة أيضا ، لأنّ كون الحيض أسود حارّا عبيطا لا يقتضي أن يكون كلّ ما هو أسود حارّ وعبيط حيضا.
ويدلّ عليه ـ أيضا ـ التعليل الوارد عنهم ـ صلوات الله عليهم ـ في الحكم بأنّ ما تراه قبل الحيض يكون حيضا ، بـ «أنّه ربّما يعجل الوقت» كما سيجيء ، لظهوره في أنّ احتمال التعجيل يكفي للحكم بكونه حيضا.
وكذا ورد عنهم ـ صلوات الله عليهم ـ في أخبار كثيرة : «أنّ ما تراه في حال الحمل حيض» ، معلّلين بـ «أنّ الحبلى ربّما قذفت بالدم» (١) ، والعلّة المنصوصة حجّة كما حقّق.
ومرّ في حسنة ابن مسلم : «إنّ ما رأت قبل العشرة فهو من الحيضة الاولى ، وما رأت بعد العشرة فهو من الحيضة المستقبلة» (٢).
ويدلّ أيضا الأخبار الدالّة على أنّها بمجرّد رؤية الدم تبني على كونه حيضا (٣) ، وسيجيء.
ويدلّ عليه أيضا قول أهل العرف ، إذ عرفت أنّ الحيض من موضوعات الأحكام ، والمتعارف أنّ المرأة التي من شأنها أن تحيض متى ما رأت ما يمكن أن يكون حيضا تبني على كونه حيضا ، وعرفت أنّ الحيض دم طبيعي كالمني والبول وغيرهما مخلوق لتكوّن الولد وحصول اللبن ، فربّما يتكوّن الولد ويحصل اللبن ولا يكون بالصفات ، فإن كان خاليا عن الصفات لا يبنون على أنّها ممّن لا تحيض وأنّها
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٢ / ٣٢٩ الحديث ٢٢٧٧.
(٢) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٩٨ الحديث ٢١٨٢ مع اختلاف يسير.
(٣) وسائل الشيعة : ٢ / ٣٠٤ الباب ١٤ من أبواب الحيض.