معنى لجعل الأمر بالاستظهار نفي توهّم الحظر فيه ، إذ لا وجه لتوهّم هذا التوهّم ، والأظهر أنّ ما دلّ على عدم الاستظهار ، فإنّما هو بالنسبة إلى المرأة الدامية التي استمرّ دمها كما هو صريح بعض الأخبار ، وظاهر بعضها ، وسيجيء تمام الكلام ، فتأمّل جدّا!
وممّا ذكر ظهر أنّ المشهور أظهر ، وأنّ القول بالإباحة أيضا ليس بشيء.
واستدلّ له بأنّ استحباب ترك العبادة لا وجه له ، والتزام وجوب العبادة أو استحبابها على تقدير اختيار الغسل بعيد جدّا.
وفيه ؛ أنّ العبادة المباحة لا معنى لها بالبديهة ، إلّا أن يريد من إباحة الاستظهار مرجوحيّته.
وفيه أنّ حمل الأوامر الكثيرة بالاستظهار ـ مع ما في بعضها من التأكيد ، مثل قوله عليهالسلام : «فلتربّص ثلاثة أيّام» (١) وقوله عليهالسلام : «فلتحتط بيوم أو يومين» (٢) إلى غير ذلك ممّا هو أشدّ من ذلك ، بل في بعض الأخبار : «يجب أن تنظر بعض نسائها ثمّ تستظهر» (٣) ، وأمثال ذلك ـ على المرجوحيّة ممّا لا يجوز عند المنصف.
مع أنّ هذا الحمل أشدّ بعدا ممّا استبعده بمراتب شتّى ، مع أنّ الصلاة والصوم تفعلهما بقصد الوجوب عند الفقهاء وهو الظاهر من الأخبار ، مع أنّ هذا الصوم لا يقضى بلا تأمّل!
واحتمل بعضهم حمل ما دلّ على الاستظهار على ما إذا كان الدم بصفة الحيض ، وما دلّ على العدم على ما إذا لم يكن كذلك (٤) ، وهو أيضا ليس بشيء لما
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ١ / ١٥٨ الحديث ٤٥٣ ، وسائل الشيعة : ٢ / ٣٠٠ الحديث ٢١٨٧.
(٢) تهذيب الأحكام : ٥ / ٤٠٠ الحديث ١٣٩٠ ، وسائل الشيعة : ٢ / ٣٧٥ الحديث ٢٣٩٧.
(٣) تهذيب الأحكام : ١ / ٤٠١ الحديث ١٢٥٢ ، وسائل الشيعة : ٢ / ٣٠٢ الحديث ٢١٩١.
(٤) المعتبر : ١ / ٢٠٧ ، مدارك الأحكام : ١ / ٣٣٤.