حالة الطهر وصلّت وصامت بعد هذا الاختيار ، ثمّ انكشف أنّها كانت طاهرة تمضي هذه الصلاة والصوم ، وإلّا تكون الصلاة والصوم لغوا فعلته ، فهي مخيّرة في اختيارها ، وبعد الاختيار تكون ما فعلت عبادة مراعى إلى وقت الانكشاف.
ولمّا كان اليوم واليومان إلى الثلاثة قريبا من العادة ، والغالب أنّ الحيض تزيد عن العادة بهذا المقدار ، ويكون هذا مرجّحا لكون الدم حيضا جعل الشارع عليهالسلام الأولى بالنسبة إليها اختيار حالة الحيض ، ثمّ بعد ذلك لمّا كان يبعد كونه حيضا ويقرب كونه طهرا جعل الأولى أن تختار جانب الطهر إلى أن يظهر بالكاشف أمرها.
فبعد الاختيار والغسل تصير العبادة واجبة عليها ، وبعد اختيار الجلوس تكون عليها حراما ، والاستبعاد ـ بعد وجود الدليل للحكم والمقتضي لكون الأمر كذلك ووضوحهما ـ فاسد قطعا ، وسيجيء تمام الكلام.
مع أنّ البناء على التخيير في أمثال المقام ممّا لا معنى للاستبعاد فيه ، كيف وهو واقع كثيرا ، مثل ما إذا ورد في حكم خبران متعارضان بحيث لا يتأتّى جمع ولا ترجيح مقبول شرعا ، فالعمل بأيّهما شاء ، على ما صرّح به الأخبار (١) ، واختاره المحقّقون الأخيار.
ومثل ما إذا وجد مجتهدان متكافئان عند المقلّدين ، فإنّهم مخيّرون في تقليد أيّهما شاءوا ، أو تحقّق أمارتان للقبلة متكافئتان ، وظهر أنّ القبلة موافقة لأحدهما البتة ، إلى غير ذلك ممّا هو في غاية الكثرة.
مع أنّ المقام ممّا ورد فيه نصّان متعارضان ، فيحمل على إرادة التخيير واقعا جمعا ، أو البناء عليه ظاهرا للعجز عن الجمع ، أو الترجيح المقبولين.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٢٧ / ١١٣ الحديث ٣٣٣٥٤ ، ١٢١ و ١٢٢ الحديث ٣٣٣٧٣ و ٣٣٣٧٤.