من المعلوم أنّ أهل السنّة من زمان الباقر والصادق عليهماالسلام وما بعده إلى زماننا مدارهم على تقليد الأموات ، كلّ طائفة منهم كانوا مقلّدين لفقيه ميّت منهم إلى زمان حصر مذاهبهم في الأربعة من الجهة المشهورة المعروفة ، وبعد ذلك الزمان ، كلّهم مقلّدين لأئمتهم الأربعة قطعا.
وهذا شعار العامّة بالبديهة ، كما أنّ شعار الشيعة خلاف ذلك ، وليس شعارهم شعار أهل السنّة بالبديهة ، بل شعارهم غير شعارهم بلا شبهة ولا ريبة ، ولذا لم يوجد فيهم زراريّة ويعفوريّة وعمّاريّة. وغير ذلك.
ولا شكّ في أنّ زرارة ونظراؤه كانوا في أعلى درجات الفقاهة ، وكانوا أفقه من فقهاء العامّة ، بل صرّح المعصوم عليهالسلام بذلك في شأن الحلبي رحمهالله (١) وغيره ، بل قال ـ صلوات الله عليه ـ في زرارة ونظرائه : «لو لا هؤلاء لاندرست آثار النبوّة» (٢). إلى غير ذلك ممّا صرّحوا عليهمالسلام به في شأن فقهاء أصحابهم.
وكذا الحال بعد غيبة الإمام عليهالسلام لم يوجد في الشيعة الكلينيّة والصدوقيّة والمفيديّة والشيخيّة. إلى غير ذلك ، مع كون الكليني رحمهالله من مروّجي مذهب الحقّ في زمان الغيبة ومؤسّسيه.
وكذا الحال بالنسبة إلى من بعده من المروّجين والمؤسّسين ، المتكفّلين لأيتام الأئمّة عليهمالسلام في زمان الغيبة بنصّ الأئمّة عليهمالسلام وتصريحهم (٣) ، بل قالوا بالنسبة إليهم أعلى ممّا ذكر ثمّ أعلى (٤) ، كما لا يخفى على المطّلع.
ومع جميع ذلك لم يكونوا راضين بتقليد الميّت ممّن تقدّم عليهم بلا عناء.
__________________
(١) رجال النجاشي : ٢٣٠ الرقم ٦١٢ ، الفهرست للشيخ الطوسي : ١٠٦ الرقم ٤٥٥.
(٢) وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٤٢ الحديث ٣٣٤٢٩ مع اختلاف يسير.
(٣) بحار الأنوار : ٢ / ٣ الحديث ٣.
(٤) بحار الأنوار : ٢ / ٥ الحديث ٨ و ٩.