ألا ترى إلى الصدوق رحمهالله في أوّل «الفقيه» حين طلب منه كتاب لمن لا يحضره الفقيه (١) ، لم يقل في الجواب : إنّ «الكافي» كاف و (٢) يعملون به وبكتاب فلان أي شيخه ابن الوليد ، أو أبيه في رسالته ، أو محمّد بن أحمد بن يحيى في نوادره. إلى غير ذلك.
بل غير خفيّ أنّ ما ذكره الكليني رحمهالله في أوّل «الكافي» (٣) ظاهر فيما ذكرنا.
وأمّا المفيد رحمهالله والشيخ رحمهالله وغيرهما من الاصوليّين فحالهم أظهر من أن ينبّه عليه ، بل وصرّحوا بالمنع (٤) ، وبأنّ تحصيل الاجتهاد في كلّ عصر واجب كفائي ، ولذا كلّ منهم كان يجتهد ويتعب نفسه وغيره غاية الإتعاب في تحصيله ، حتّى نقلوا أنّ بعضا منهم لم ينم بالليل أصلا أربعين سنة (٥) ، وغير ذلك ممّا هو مشهور وظاهر منهم.
ومع ذلك أتعبوا أنفسهم في تصنيف كتاب في الفقه على وفق اجتهادهم ، بل وكثيرهم أوجبوا تجديد الاجتهاد (٦) ، ولذا صدر منهم الفتاوى المتضادّة في غاية الكثرة ، وصنّفوا كتبا متعدّدة.
بل ادّعى غير واحد منهم الإجماع على عدم الجواز ومنهم صاحب المعالم رحمهالله (٧).
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣.
(٢) في (ز ٢) و (ط) : أو.
(٣) الكافي : ١ / ٦.
(٤) معالم الدين في الاصول : ٢٤٧.
(٥) لم نعثر عليه.
(٦) منهم المحقّق في معارج الاصول : ٢٠٢.
(٧) معالم الدين في الاصول : ٢٤٨.