وبالجملة ؛ ظهر من نفس هذه الرواية كون المراد هو التجاوز ، كما صرّح به في روايته الاخرى.
مع أنّ الظاهر وحدة الروايتين إلّا أنّه وقع التعدّد من جهة النقل بالمعنى ، مع أنّه سيجيء أنّ الثقب بدون التجاوز من الامور النادرة ، وإطلاقات الأخبار محمولة على الفروض المتعارفة ، فيصحّ جعل عدم الجواز في مقابلة الثقب في رواية ابن الجنيد ، وأنّه لا تعدّد ولا مخالفة بين الموثّقتين.
فربّما يظهر التأمّل في مخالفة ابن الجنيد مع المشهور أيضا ، مع أنّ التعدّد لم يقع إلّا في العبارة الاولى خاصّة ، وإلّا فالباقي منها بحالها ، وهذا ينادي بما ذكر.
ومع ذلك يشير إليه قوله عليهالسلام : «وإن كانت صفرة». إلى آخره ، إذ على قول ابن الجنيد يصير غلطا وباطلا ، بخلاف المشهور ، فإنّه بعينه هو الاستحاضة القليلة ، ولذا قال عليهالسلام : «فعليها الوضوء» أي خاصّة ، من دون ضمّ غسل ، كما هو ظاهر.
وإنّما قال عليهالسلام : «صفرة» ، لأنّ الغالب أنّ القليلة تتبيّن بعنوان الصفرة ، لأنّ الدم كلّما يقلّ يقلّ لونه ، وكلّما يكثر يكثر لونه ، وظهر هذا من الأخبار أيضا (١) واعترف به المصنّف في «الوافي» (٢) أيضا ، مع أنّ الغالب تحقّق القليلة أصفر ، وغيرها أسود وأحمر.
والحاصل ؛ أنّ المطلق منصرف إلى الأفراد الغالبة ، والغالب ما ذكرنا ، بل ربّما يؤدّى ما يقابل الكثير بلفظ الأصفر ، وربّما يؤدّى ما يقابل القليلة بلفظ الأسود والأحمر فتتبّع.
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ١ / ١٥١ الباب ٧ ، حكم الحيض والاستحاضة.
(٢) الوافي : ٦ / ٤٦٧.