خلف الكرسف ، والمشروط عدم عند عدم شرطه ، سيّما مع التأكيد بقوله عليهالسلام : «لا يرقى» ، فإنّه مبالغة في عدم توهّم المتوسّطة.
فظهر لك أنّ في هذه الصحيحة دلالات كثيرة على مذهب المشهور.
فما في «المدارك» : أنّ موضع الدلالة قوله عليهالسلام : «وإن طرحت الكرسف عنها وسال الدم وجب عليها الغسل» وهو غير محلّ النزاع ، فإنّ موضع الخلاف ما إذا لم يحصل السيلان ، مع أنّه لا إشعار بكون الغسل للفجر ، فحمله على ذلك تحكّم ، ويمكن حمله على الجنس ، ويكون تتمّة الخبر كالمبيّن له (١) انتهى ، توهّم واضح لما عرفت من كثرة الدلالة ، بل ربّما لا يكون ما ذكره موضعا للدلالة أصلا ، لأنّ حال ما لم تكن قطنة في الفرج حال خلوّه من القطنة ، ومحلّ النزاع حال ما إذا كانت القطنة فيه بلا شبهة.
وإذا كانت فيه دلالة أيضا فهي على حسب ما ذكرناه ، إذ لا شكّ في أنّ الدم لذي يسيل من الفرج حال خلوّه من القطنة ليس مثل الذي يسيل حال احتشائه من القطنة والاستثفار والاستيثاق ، سيّما بعد ملاحظة أنّ الأصل براءة الذمّة عن التكليف حتّى يثبت ويتحقّق.
وخصوصا بعد ظهور كون المراد الغسل الواحد لا المتعدّد ، وأنّ الحمل على الجنس خلاف الظاهر ، وخصوصا بملاحظة جعله مقابلا لما سيذكره من ثلاثة أغسال ، فتأمّل جدّا!
وما ذكره من قوله : (لا إشعار). إلى آخره ، فيه ما فيه ، فإنّ عدم القول بالفصل يكفي للدلالة ، وهو في كثير من المقامات تتمّ الدلالة به ، بل صدر هذا منه في غاية الكثرة ، وبناؤه على ذلك من أوّل كتابه إلى آخره ، مع أنّك عرفت أنّ في
__________________
(١) مدارك الأحكام : ٢ / ٣٣.