المقام شواهد اخر.
مع أنّه على تقدير أن يكون المراد منه الجنس ، ويكون تتمّة الخبر كان المبيّن له ، تتمّ الدلالة أيضا بلا خفاء ، لأنّ الدلالة بمفهوم الشرط ، وقد حصلت فيها مكرّرة متكثّرة.
وممّا يدلّ على المذهب المشهور صحيحة زرارة : أنّه قال للباقر عليهالسلام : النفساء متى تصلّي؟ قال : «تقعد بقدر حيضها ، وتستظهر بيومين ، فإن انقطع الدم وإلّا اغتسلت واحتشت واستثفرت وصلّت ، فإن جاز الدم الكرسف تعصّبت واغتسلت ، ثمّ صلّت الغداة بغسل والظهر والعصر بغسل والمغرب والعشاء بغسل ، وإن لم يجز [الدم] الكرسف صلّت بغسل واحد» (١).
قوله عليهالسلام : «فإن جاز الدم الكرسف.» صريح في أنّ وجوب الأغسال الثلاثة مشروط بجواز الدم عن الكرسف ، لا أنّه يكفي مجرّد ظهوره على الكرسف ، فإنّ الجواز ظاهر في التعدّي والوصول إلى غيره ، ومع ذلك قوله عليهالسلام : «وإن لم يجز الكرسف صلّت بغسل واحد» صريح في وجوب الغسل الواحد على غير المتجاوز.
وليس هذا الغسل الواحد غسل النفساء ، لأنّه عليهالسلام بعد ما قال : «اغتسلت» يعني غسل النفساء «احتشت واستثفرت وصلّت» ثمّ قال بعد ذلك : «فإن جاز الدم». إلى آخره ، يعني بعد ما فعلت ما ذكر إمّا أن يكون دمها يجوز ، وإمّا لا يجوز ، فعلى الأوّل عليها ثلاثة أغسال ، وعلى الثاني عليها غسل ، فكما أنّ ثلاثة أغسال بعد غسل النفساء والاحتشاء والاستثفار والصلاة ، فكذلك الغسل الواحد.
ويشير إليه أيضا الإتيان بكلمة «الفاء» الدالّة على التعقيب والتفريع الظاهرة في أنّ كلا القسمين متعقّب ومتفرّع.
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ١ / ١٧٣ الحديث ٤٩٦ ، وسائل الشيعة : ٢ / ٣٧٣ الحديث ٢٣٩٤.