آخر أيضا كالوضوء ، ولذا وجب الوضوء مع الغسل أيضا ، ووجب تغيير القطنة والخرقة ، وغسل الفرج ووضع القطنة الطاهرة ، والخرقة كذلك ، والمسارعة في جميع ذلك ، والمبادرة إلى الصلاة. إلى غير ذلك ، مثل صحّة كون كلّ صلاة بغسل. وغير ذلك مثل أن يكون حصولها موجبة في أيّ وقت ، وغيره لما مرّ ، والله يعلم.
وبالجملة ؛ كون هذا الدم غير حدث أصلا ، لعلّه خلاف ما يظهر من تضاعيف الأخبار ، وشغل الذمّة اليقيني يستدعي البراءة اليقينيّة ، ويشترط في تخصيص العام كون الخاص مقاوما للعام وغالبا عليه ، حتّى يقدّم عليه ، وتحقّقه في المقام محلّ تأمّل ، وإن قلنا بظهور ما في هذه الصحاح بعدم كونه حدثا أصلا ، لأنّ غلبته على ما ذكر محلّ إشكال ، فلا يتحقّق اليقين بالبراءة ، وما ذكر لا يخلو عن قوّة ، فالأحوط الوضوء للعصر والعشاء لو لم يحكم بالوجوب.
وأحوط من الكلّ ترك الأذان ، وإتيان الوضوء مكانه في غاية الاستعجال بترك مستحبّاته ، والاقتصار على أدنى الواجبات ، والله يعلم (١).
وينبغي التنبيه لأمور :
الأوّل : الظاهر أنّ اعتبار الجمع إنّما هو للاكتفاء بغسل واحد ، فلو أفردت كلّ صلاة بغسل صحّ ، وفي «المنتهى» جزم باستحباب ذلك (٢) ، وهو كذلك إن لم يخف من ضرر ومانع آخر ، لكن لو أفردت اغتسلت الأغسال الخمسة بنيّة الوجوب ، ومن هذا ظهر أنّه لو اتّفق حدوث الكثيرة بعد الظهر أو المغرب يجب الغسل ، لخصوص العصر والعشاء.
الثاني : اشترط جماعة في صحّة الصلاة معاقبتها للغسل بلا فصل
__________________
(١) لم ترد في (د ٢) و (ز ٣) من قوله : ولعلّ مستند الموجبين. إلى قوله : والله يعلم.
(٢) منتهى المطلب : ٢ / ٤٢٣.