مع أنّ الفقيه الميّت من الشيعة إن كان يحصل الظنّ من قوله وأنّه حجّة في حقّه ، لا جرم لا يكون حجّة ، لما عرفت من أنّ علماء الشيعة لا يجوّزون التقليد [الميّت] ، بل نقلوا عنهم أنّ تحريمه من ضروريّات الدين (١).
فإن قلت : الأخباري يمنع عن التقليد وينكره ، فكيف يحصل لهم الضرورة؟
قلت : إنكاره باللسان خاصّة ، ونزاعه لفظي بلا شبهة ، وإلّا فلا شبهة في أنّ مداره على ما هو طريق المجتهدين (٢) ، بحيث لم يقع للأطفال والجهّال فيه شكّ فضلا عن النساء والرجال.
فإن قلت : الأخبار الدالّة على جواز التقليد تشمل قول الميّت أيضا ، والاستصحاب أيضا يقتضي ذلك.
قلت : العامي كيف يتيسّر له الاستدلال بهما؟ مع كون حجيّتهما معركة الآراء (٣) بين العلماء ، فإنّ الخبر الواحد ظنّي سندا ومتنا ودلالة وعلاجا للتعارض ، إذ ورد مذمّة التقليد في الآيات (٤) والأخبار (٥).
وأيضا قد عرفت أنّ في كلّ واحد من السند والمتن والدلالة والتعارض اختلالات لا تحصى. ولذا (٦) ذهب جماعة من الفقهاء إلى عدم الحجيّة أصلا (٧) ، وجماعة إلى حجيّة خصوص الصحيح (٨) ، وجماعة ضمّوا به الموثّق أيضا (٩) ،
__________________
(١) معالم الدين في الاصول : ٢٤٧ و ٢٤٨.
(٢) في (د ١) : المجتهد.
(٣) في (د ١ ، ٢) : للآراء.
(٤) المائدة (٥) : ١٠٤ ، لقمان (٣١) : ٢١ ، الزخرف (٤٣) : ٢٢ و ٢٣.
(٥) بحار الأنوار : ٢ / ٨٢ ـ ١٠٥ الباب ١٤.
(٦) في (د ٣) : ولهذا.
(٧) راجع! السرائر : ١ / ٥١.
(٨) لاحظ! الرعاية في علم الدراية : ٨٨.
(٩) الفوائد المدنيّة : ٦٨.