وأمّا الراجح ، فمثل رجحان حديث على حديث ، أو دليل على دليل ، أو قول لغوي على قول لغوي آخر ، أو غير لغوي. وأمثال ذلك ممّا هو معتبر عند الجميع ـ حتّى الأخباريّين ، والمصنّف ـ أو معتبر عند المجتهدين خاصّة ، وإن كان الأخباريّون (١) والمصنّف أيضا يوافقونهم (٢) في العمل ، ومدارهم جميعا عليه.
وقد أثبتنا وجه الاعتبار في رسالتنا في الجمع بين الأخبار (٣) ، وفي «الفوائد» (٤) وغيرهما ، فلاحظ ، إذ ذكرنا فيها وجوها ، ونشير إلى وجه واحد هنا بالإشارة الإجماليّة.
وهو إنّ كلّ موضع يكون البناء فيه على الظنّ ويكون هو حجّة فيه إذا وقع التعارض بين الدليلين أو أزيد ، ويكون أحدهما أو أحدها راجحا يكون الطرف المقابل للراجح مرجوحا البتة ، ولا خفاء في ذلك.
والمرجوح موهوم ، والشكّ لا يمكن أن يصير حجّة ومعتبرا ، فكيف يجوز أن يكون الوهم حجّة ومعتبرا؟!
على أنّ ما دلّ على حجيّة الظنّ يشمل الراجح قطعا ، وشموله للمرجوح غير ظاهر ، وإن لم نقل بظهور العدم ، لأنّ الأصل عدم كون الظنّ حجّة إلّا ما ثبت كما حقّقناه فيهما (٥) ، وسنشير إليه إجمالا مع ظهوره في نفسه.
هذا ؛ وظاهر أنّه لا يمكن التعارض بين اليقين واليقين ، سيّما وأن يكون أحدهما مرجوحا وموهوما.
__________________
(١) الفوائد المدنيّة : ٧٧.
(٢) في (ز ٢) و (د ١) : يوافقون.
(٣) الرسائل الاصوليّة : ٤٤٧.
(٤) الفوائد الحائريّة : ٢٠٧ الفائدة ٢٠.
(٥) الفوائد الحائريّة : ١١٧ الفائدة ٦ ، ١٢٧ الفائدة ٧ ، الرسائل الاصوليّة : ٣٩٢.