يجب على اللاحق أيضا كذلك أن يحضر عند السابق ويتّفق معه تحصيلا للوحدة الواجبة ، فإذا عصى اللاحق لم يرتفع الوجوب عن السابق.
فإن قلت : إمام اللاحق يصير فاسقا من جهة عدم الامتثال للواجب.
قلت : وكذلك الإمام السابق ، لاتّحاد حالهما ، إلّا أن يكون إمام السابق يريد الامتثال ، وأمّا اللاحق لا يريد فتبطل جمعة اللاحق لفسق إمامهم ، لا أنّه يصحّ صلاة السابق لسبقهم كما هو المفروض ، بل لو تأخّرت صلاتهم لصحّت أيضا.
فظهر أنّ سبق الصلاة إنّما يصير سببا للصحّة إذا لم يعلموا بالصلاة الاخرى ، وظهر السبق بعد ذلك ، وأنّ هذا هو مراد الأصحاب ، لا أنّه علموا حين الدخول بسبقهم ، لأنّ الدخول حينئذ حرام إلّا أن يعصو إمام الطائفة الاخرى معهم ، فحينئذ يصحّ صلاة غير العاصين ، وإن لم يكونوا سابقين ، فتأمّل جدّا!
ولو اعتقد أحدهما بسبق صلاته ، فظهر من الخارج مسبوقيّتها ، أو انتفاء العلم بالسبق ، فصلاتهم باطلة ، وإن كانوا في حال الاعتقاد جازمين ، لما عرفت من أنّ الفرق بثلاثة أميال شرط واقعا ، والشكّ في الشرط يوجب الشكّ في المشروط ، فما ظنّك بظهور الانتفاء؟
ولو جزم أحدهما بعدم سبق صلاتهم أو كانوا شاكّين ، ثمّ ظهر سبق صلاتهم لا ينفع ، لانتفاء قصد القربة والامتثال الذي هو شرط.
ولو لم يتحقّق السبق والاقتران جميعا ، وكان كلّ منهما غافلين أو جاهلين عن تحقّق الاخرى ، فتفطّنا بعد ذلك بتحقّق الاخرى من غير علم بالسبق ، فصلاة الكلّ باطلة ، لما عرفت من كون الفاصلة شرطا واقعا.
وفي «الشرائع» : لو لم يتحقّق السابقة أعادا ظهرا (١).
__________________
(١) شرائع الإسلام : ١ / ٩٦.