هذا الشرط ، بل يكفي عدم العلم بسبق اخرى (١).
أقول : ظاهر المحقّق موافقته لل ـ «تذكرة» ـ وعبارته تشمل الخامسة ، وندرة الاقتران جدّا لا تأمّل فيها ، فتحقّق السابقة حينئذ أيضا في غاية الظهور ، فأيّ فرق بينه وبين ما ذكره من العلم بالنظر إلى الأدلّة؟ لأنّ المقام إن كان داخلا فيما دلّ على اشتراط ثلاث أميال بين الجمعتين ، فالاحتمال أيضا مانع عن الإتيان بجمعة اخرى فضلا عن هذا الظهور ، بل الاحتمال البعيد أيضا مانع ، لعدم العلم بالشرط ، لما عرفت من أنّ الفاصلة شرط واقعا ، وأنّ الشكّ في الشرط يستلزم الشكّ في المشروط ، لكن يكفي العلم الشرعي بالعدم ، وهو استصحاب العدم اليقيني لإجماع المسلمين في الأعصار والأمصار.
ولأنّ وجوب تحصيل العلم الواقعي يوجب سدّ باب التكليف بالجمعة عادة ، ولذا قال في «الروض» بشرط عدم العلم بجمعة اخرى (٢) ، ولا يكفي عنده عدم العلم بالسبق ـ كما اختاره صاحب «المدارك» (٣) ـ إذ على هذا ، وجود العلم بجمعة اخرى غير مضرّ ما لم يحصل العلم بالسبق ، ويلزم صحّة الجمعات المتعدّدة الكثيرة في مكان واحد غالبا ، بل ومطلقا ، إذ بعد العلم بسبق جمعة صحيحة لا يصلّون جمعة جزما ، فتأمّل!
مع أنّ الشروط معتبرة عنده في أوّل الصلاة خاصّة ، فيلزم صحّة الجمعات الخارجة عن حدّ الإحصاء في بلد واحد ، إلّا في صورة نادرة إن تحقّقت ، وإلّا فقد عرفت عدمها ، إلّا أن يفرض المسألة ، أو يقال : إنّه بيان للحكم المعلوم بلا شبهة.
__________________
(١) مدارك الأحكام : ٤ / ٤٦ و ٤٧ مع اختلاف يسير.
(٢) روض الجنان : ٢٩٤.
(٣) مدارك الأحكام : ٤ / ٤٧.