مع أنّه رحمهالله وافق القوم في عدم حصول البراءة إذا وقع الاشتباه في السبق.
ولما ذكرناه قلنا : إنّ في «الروض» بنى على أنّ شرط عدم جمعة اخرى واقعي عنده ، فتأمّل جدّا!
ويرد ـ أيضا ـ على ما في «المدارك» : أنّ هذا بعد الحكم بفساد الجمعتين ، وأنّ هذا يجب عليه الجمعة أو الظهر ، والفساد من جهة عدم العلم بالسابقيّة ، فلو كان عدم العلم بالسبق يكفي للصحّة ، لا جرم تكون الجمعتان صحيحتين البتة ، وإلّا فكيف يكفي عدم العلم بالسبق؟
وإن لم يكن داخلا (١) فالعلم أيضا غير مضرّ ، لعموم ما دلّ على وجوب الجمعة ، وعدم ثبوت شرط زائد.
وإن احتمل الدخول والخروج ، فلا بدّ من الجمع بين الجمعة والظهر حتّى يتحقّق الامتثال والخروج عن العهدة ، كما اختاره العلّامة في غير «التذكرة» (٢) ، لحصول الشكّ والتردّد بين الصحّة والبطلان في الجمعة ، وعدم حصول يقين البراءة بدونه.
وممّا ذكر ظهر ضعف ما استوجهه في المسألة السابقة أيضا ، لأنّ العمومات مخصصة باشتراط الفاصلة الواقعيّة.
وبالجملة ؛ على القول بأنّ لفظ العبادة اسم للأعمّ يتوجّه عليه اختيار الجمعة ، وإن علم بسبق اخرى ، لكن الأحوط الجمع ، وعلى القول بأنّه اسم لخصوص الصحيحة يتعيّن الجمع ، وإن علم بالسبق ووقع الاشتباه.
قوله : (وكلاهما مقلوب عليهما). إلى آخره.
لا يخفى أنّ فقهاءنا ، ادّعوا ـ بعد التواتر ـ الإجماع على كون الإمام
__________________
(١) يعني : داخلا فيما دلّ على اشتراط ثلاث أميال بين الجمعتين.
(٢) قواعد الأحكام : ١ / ٣٧.