قبله ، أو من يتكامل له صفات إمام الجماعة عند تعذّر الأمرين (١).
وفي «المدارك» : أنّه صريح في الاكتفاء عند تعذّر الأمرين بصلاة العدد المعيّن مع إمام يجوز الاقتداء به ، وهذا الشرط معتبر عنده في مطلق الجماعة ، فإنّه قال في بابها : وأولى الناس بها إمام الملّة أو من نصبه ، فإن تعذّر الأمران ، لم تنعقد إلّا بإمام عادل وظاهره الوجوب العيني ، فإنّه قال بعد ذلك : وإذا تكاملت هذه الشروط انعقدت جمعة ، وانتقل فرض الظهر إليها ، وتعيّن فرض الحضور على كلّ رجل.
وعن القاضي أبي الفتح الكراجكي أنّه قال : وإذا حضرت العدّة التي تصحّ أن تنعقد بحضورها الجماعة يوم الجمعة ، وكان إمامهم مرضيّا متمكّنا من إقامة الصلاة في وقتها ، وإيراد الخطبة على وجهها وكانوا حاضرين آمنين ذكورا بالغين كاملي العقول أصحّاء وجبت عليهم فريضة الجمعة.
ثمّ قال بعد ذكر الأقوال الثلاثة : فعلم أنّ هذه المسألة ليست إجماعيّة ، وأنّ دعوى الإجماع فيها غير جيّد ، كما اتّفق لهم في كثير من المسائل (٢) ، انتهى.
أقول : هو رحمهالله ومن وافقه مثل المصنّف رحمهالله وغيره ، عملوا بإجماعات لا تحصى ، واعتمدوا عليها ، ولم يوجد في إجماع منها ما وجد في المقام من كثرة نقل ناقليه ، ووفور القرائن المفيدة للقطع واليقين ، والأخبار الدالّة عليه.
بل لا يوجد هناك ، بل لا يوجد من أوّل الفقه إلى آخره ما يعادل هذا الإجماع في موضع من المواضع ، كما ستعرف مشروحا ، ومع ذلك لا يسلم إجماع من إجماعاتهم التي اعتمدوا عليها من أمثال ما ذكروه من المناقشات في المقام ، بل يرد على إجماعاتهم أضعاف ما أورده هنا أضعافا مضاعفة ، بحيث لا يصير طرف
__________________
(١) الكافي في الفقه : ١٥١.
(٢) مدارك الأحكام : ٤ / ٢٤.