__________________
ومع ذلك معلوم أنّ جميع أزمنة جميع الأئمّة المعصومين عليهمالسلام كان الحال وقت صدور تلك الصحاح سوى زمان سلطنة علي والحسن ـ صلوات اللَّه عليهما ـ بل كلَّما طال الزمان اشتدّ التقيّة ، لحدوث أساسات في المذهب ، وتعصّبات وحميّات وخيالات لتصحيح قتل الشيعة وأذّيتهم ، إلى أن آل الأمر إلى استحلال فروج نسائهم وأسرهنّ وتملكهنّ ، عجّل اللَّه فرجهم بظهور إمامهم ، ويمنّ على استضعافهم ببكرة أئمّتهم عليهمالسلام وبحقّهم عليه وحقّه على جميع خلقه آمين ثمّ آمين.
على أنّا نقول : كلّ الحديث دلّ على شرط أغنانا عن التمسّك بهذه الصحاح ، لأنّ شرط الواجب فرع وجوبه ، مضافا إلى أنّ وجوب الجمعة من بديهيّات الدين ، فلا فائدة في الصحاح أصلا ، مع أنّهم ما استدلَّوا إلَّا بها.
مع أنّ كلّ ما دلّ على شرط فإنّما يدلّ عليه خاصّة ، فعلم أنّ المقام لم يكن مقام باقي الشروط ، فلم يكن مقام الخاصّة ، فلعلّ محلّ النزاع لم يذكر لذلك ، كما أنّ باقي الشروط أيضا كذلك.
فإن قلت : لعلّ المراد طلبها بشرط تحقّق جميع الشرائط ، ومنها عدم التقيّة وإن لم يكن زمانهم وقت الحاجة.
قلت : قد عرفت أنّ ذلك خلاف الأصل ، والظاهر موقوف على القرينة وليست ، وأنّ ما يظهر منها فاسد ، والصحيح لا يظهر منها ، فإنّه لا يمكن الاستدلال أنّ البيان عن وقت الحاجة. إلى غير ذلك من الاعتراضات.
فإن قلت : لم لا يجوز أن يكون وجوب الجمعة والشرائط المسلَّمة ثبت عن مجموع الأخبار ولم يثبت محلّ النزاع ، فثبت أنّ الإذن لا يكون شرطا.
قلت : الثبوت فرع الدلالة ، والدلالة منحصرة فيما ذكرناه ، مع أنّه لم يثبت معادل على الشرط ، وإثبات شيء لا ينفي ما عداه ، مع أنّ كون البناء على ظهور كلّ واحد من الأخبار المفيدة لشرط في انحصار الشرط فيما تضمّنه كظهور الصحاح في عدم الشرط ، ثمّ البناء على التخصيص فاسد من جهة أخرى أيضا ، وهي إخراج الأكثر وبقاء الأقلّ ، بل وبقاء الواحد وإخراج الباقي ، ولا يرضى به المحقّقون ، ومنهم المستدلَّون.
فإن قلت : بناء الفقهاء على تخصيص العمومات ، وأيّ فرق بين ما نحن فيه وبين ما بنوا عليه؟
قلت : الفرق من وجوه كثيرة : منها : كون المقام مقام الحاجة ، ومنها : فوات معرفتهم بالخاصّ حين الخطاب بالعامّ فلذا لم يذكر ، وقد عرفت عدم تجويز معرفة الخاصّ من دون العامّ في المقام ، مع أنّ تجويز