قلت : ما ذكرت فساد مترتّب على فساد ، وذلك لأنّه موقوف على كون معنى الحديث هو الوجوب على المكلّفين من غير شرط من الشروط ، وقد عرفت فساده بالبديهة ، أو أن يكون معناه الوجوب بشروطها ، ويجعل تلك الشروط مقيّدة بأنّها التي تظهر من حديث آخر لا غير ، وقد عرفت فساده ، فضلا عن زيادة القيد الذي زدته ، وليس منه في الصحاح عين ولا أثر ، بل ظاهر عبارة الصحاح ليس إلّا الوجوب من غير شرط ، فكيف يدلّ الشيء على ضدّ مدلوله؟
وأعجب منه أن تزيد عليه القيد الأجنبي الآخر ، بل عرفت أنّ ظاهر الصحاح ليس إلّا الاحتمال الأوّل (١).
مع أنّ ما ذكرت فرع جعل الوجوب فيها عامّا بالنسبة إلى صور فقد الشروط ، حتّى تجعل الموضع الذي لم يثبت شرطه من حديث داخلا في العموم ، والعموم فرع أداة تدلّ عليه ، والوجوب على كلّ من المكلّفين لا نزاع فيه ، إنّما النزاع في الشرائط ، وبين المقامين فرق واضح على من له أدنى تدبّر.
مع ذلك نقول : أنت جعلت الوجوب غير مطلق ، بل مقيّدا بقيد «شروطها» ، فكيف يبقى بعد ذلك عموم؟!
وإن جعلت المراد الوجوب من غير شرط ـ أعني الاحتمال الوسطى ـ ثمّ أخرجت كلّ فاقد شرط ثبت شرطه من حديث ، وأبقيت كلّ من لم يثبت داخلا في الوجوب من غير شرطها أصلا ، فقد عرفت أنّه فاسد بالبديهة ، إذ بمجرّد استماع أنّ الجمعة واجبة تجزم أنّ وجوبها مشروط بشروط بالبديهة.
فإن قلت : علمنا من الخارج بأنّ وجوب الجمعة مشروط بشروط بالبديهة ، لا يقتضي أن يكون مراد المعصوم عليهالسلام في هذه الأخبار ، حتّى تقول : لا
__________________
(١) في (ز ١) زيادة : بالشرط.