قلت : أيّ فرق بين لفظ صلاة الجمعة وبين لفظ الركعتين فيما ذكر؟ لأنّ لفظ الركعة والركعتين من ألفاظ العبادات التي وقع النزاع فيها ؛ أنّها هل هي أسام لخصوص الصحيحة أو الأعمّ؟ فالمراد من الركعتين أو الركعة هل هي مجرّد الأركان والأجزاء المخصوصة أعم من كونها صحيحة بحسب الشرع؟ أم المراد الأجزاء المخصوصة الصحيحة شرعا؟
مع أنّ بعض المحرّمين عبارته صريحة في أنّ الأركان المخصوصة الخالية عن الإمام أو من نصبه الواقعة بهيئة الجمعة ليست بصلاة حقيقة جزما (١) ، بل فعل (٢) حرام لغو غصب ، ومجرّد تسمية الخصم بصلاة الجمعة لا يصير حجّة له وحجّة على خصمه ، إذ لا مشاحة في الاصطلاح ، والعبرة إنّما هي بمراد الشارع جزما.
فما يكون بالإمام أو من نصبه لا شبهة في كونه صلاة الجمعة التي أرادها الشارع ، وأمّا الخالي عنه فلا يعلم كونه داخلا في مراد الشارع ، والدخول لا بدّ من ثبوته ، والثبوت إمّا من الإجماع ؛ فقد عرفت النزاع في ألفاظ العبادات عموما ، وفي خصوص المقام خصوصا ، فمع وجود هذين النزاعين العظيمين المعروفين ، كيف يتأتّى دعوى الإجماع؟
وإمّا من التبادر من اللفظ الخالي عن القرينة ، والمتبادر هو الصحيح شرعا وغير المستجمع لشرائط الصحّة يصحّ سلب اسم صلاة الجمعة أو الركعتين المرادف له عنه ، وهما حجّتان على المستدلّين بالصحاح ، إذ عرفت أنّه لا نزاع في وجوب المستجمع لجميع الشرائط على جميع المكلّفين من المسلمين والكافرين ، إنّما النزاع في المراد من اللفظ.
__________________
(١) رسائل الشريف المرتضى (جوابات المسائل الميافارقيّات) : ١ / ٢٧٢.
(٢) (ز ٣) و (د ٢) : فعله.