هذا على تحقيق ما ذكرناه في «الفوائد» (١).
قوله : (كما هو الظاهر من تلك). إلى آخره.
لا شكّ في أنّ الإجماع في اصطلاح الفقهاء عبارة عن اتّفاق جمع يحصل من اتّفاقهم اليقين بقول المعصوم عليهالسلام ، ولو لم يحصل العلم واليقين لا يكون إجماعا عندهم قطعا (٢) ، كما أشار إليه المصنّف بقوله : (وليس بالمصطلح عليه في الاصول). إلى آخره.
بل بالغوا فيما ذكرنا ، وأكّدوا غاية التأكيد ، وشدّدوا نهاية التشديد ، وأنكروا على من لم يعتبر ذلك ـ وهو القائل بالحجيّة من العامّة ـ نهاية النكير ، وصرّحوا نهاية التصريح ، وأوضحوا غاية التوضيح ، أنّ منشأ حجيّة الإجماع هو القطع بقول المعصوم عليهالسلام ، وأنّه لو لم يحصل القطع لم يكن إجماعا قطعا ، وما ذكرنا غير خفيّ على من له أدنى اطّلاع.
فكيف يطلقون لفظ الإجماع ويريدون غير ذلك من دون شائبة قرينة ، بل ومع القرينة على إرادة المصطلح عليه؟! لحصول القطع من كلامهم وغيره أنّ فتواهم ليس إلّا بذلك الإجماع ، وأنّهم به مطمئنّون ، وعليه معتمدون ، وإليه مستندون.
ومع جميع ذلك كيف يجوز أن يكون مرادهم من الإجماع غير المصطلح عليه؟! فليس هذا إلّا عين الغشّ والتدليس والخيانة ، لو لم نقل بأنّه كذب وفرية على الله والمعصوم عليهالسلام ، والظاهر أنّه كذلك بملاحظة ما أشرنا ، وهم متّفقون غاية الاتّفاق على حرمة الامور المذكورة ، بل على فسق من ارتكبها ، ويشدّدون
__________________
(١) الفوائد الحائريّة : ١٤٥ الفائدة ١١ ، ٢٨٩ الفائدة ٢٩.
(٢) الذريعة إلى اصول الشريعة : ٢ / ١٢٩.