وأنّه اعتبر في الخطبتين كثير ممّا اعتبر في الركعتين لأجل البدليّة (١) كما سيجيء .. إلى غير ذلك ، ومثل هذا كيف يمكن قلبه؟ إذ القطع حاصل بأنّ الجمعة لم تكن مقدّمة على الظهر ، والخطبتين بدل ، وغير ذلك.
واحتمل أن يكون مرادهما (٢) أنّ بفعل الجمعة يحصل البراءة الشكّيّة ، وبفعل الظهر يحصل البراءة اليقينيّة ، والثاني يجب تحصيله ، والأوّل لا فائدة فيه ، بل يحرم الاعتماد عليه ، والاستناد إليه.
وإنّما قلنا : إنّه يحصل من الظهر اليقين ، لأنّ الشيعة كانوا في زمانهما وما قبل وما بعد إلى زمان الشهيد الثاني على فرقتين فقط ، فرقة تقول بالوجوب التخييري بين الجمعة والظهر واستحباب الجمعة عينا ، وفرقة تقول بحرمة الجمعة ، ولم يقل أحد بالوجوب العيني حتّى الشهيد الثاني في كتبه المعروفة (٣).
والرسالة التي تنسب إليه ـ المتضمّنة للوجوب العيني ، والتشنيع على جميع الفقهاء وتفسيقهم وتضليلهم في عدم قولهم بالوجوب العيني ، وتضمّنها امورا ـ لا تليق بحال أحمق فاجر أو جاهل غريق الجهل ، لا يدري قاعدة الفقاهة وقواعد الفقه ، على ما بيّنته في «حاشية المدارك» (٤) ، حاشاه ثمّ حاشاه عن أن يكون صاحب هذه الرسالة ، ومستأهلا لنسبتها إليه.
وربّما قيل : إنّه كتبها في أوّل سنّه ، ثمّ رجع عنها بعد ما صار عالما فقيها (٥).
وفيه أيضا ما فيه ، لأنّه رحمهالله أعلى شأنا من أن يكون في أوّل سنّه أيضا كذلك ،
__________________
(١) لم ترد في (د ٢) و (ز ٣) : لأجل البدليّة.
(٢) أي : الديلمي والحلّي.
(٣) الروضة البهيّة : ١ / ٣٠١ ، روض الجنان : ٢٩٠.
(٤) الحاشية على مدارك الأحكام للوحيد رحمهالله : ٣ / ١٥٣ ـ ١٥٧.
(٥) انظر! جواهر الكلام : ١١ / ١٧٤.