ومع ذلك أيّ عبرة بها إذا كانت كذلك؟
وبالجملة ؛ ما ذكره المصنّف من قوله : (وكلاهما مقلوب عليهما) في غاية ظهور من الفساد ، كما عرفت ، ومن أراد البسط التامّ في المقام بالنظر إلى النقض والإبرام ، فعليه بمطالعة حاشيتنا على «المدارك» (١).
نعم ؛ يتوجّه عليهما أنّ الإجماع المذكور إنّما يتمّ في كون الإمام عليهالسلام أو منصوبه شرطا في وجوب الجمعة ـ الذي يعبّر عنه الآن بالوجوب العيني ـ لا استحبابها ـ الذي يعبّر عنه الآن بالوجوب التخييري ، وكونها أفضل فرديه ـ فإنّ معظم من ادّعى هذا الإجماع كلامه صريح فيما ذكرنا (٢).
وقد ظهر لك من الأخبار ، ومن الأدلّة أنّ الأمر كذلك ، كما لا يخفى على المتأمّل المتدبّر فيما ذكرناه حقّ التأمّل والتدبّر.
مع أنّ هذا مذهب المعظم والمشتهر بين القدماء والمتأخّرين ، إذ عرفت حال الصدوق رحمهالله ، ومن بعده المفيد وتلامذته ، ومن بعدهم جميعا سوى شاذّ منهم يقول بالحرمة (٣) ، وإن كان الطبرسي (٤) والمرتضى (٥) أيضا كانا من القائلين بها ، إلّا أنّ الباقين أكثر بمراتب ، بل القول بها ربّما كان في بعض أقوالهم وهو مخالف لمذاهب العامّة ، والرشد في خلافهم اعتبارا وأخبارا (٦).
__________________
(١) الحاشية على مدارك الأحكام للوحيد رحمهالله : ٣ / ١٩٩ ـ ٢٠٧.
(٢) انظر! الخلاف : ١ / ٦٢٦ المسألة ٣٩٧ ، منتهى المطلب : ٦ / ٣٣٤ ، ذكرى الشيعة : ٤ / ١٠٥ ، مجمع الفائدة والبرهان : ٢ / ٣٣٥ ، مدارك الأحكام : ٤ / ٢٥.
(٣) المراسم : ٢٦١ ، السرائر : ١ / ٣٠٤.
(٤) المؤتلف من المختلف : ١ / ٢٢٢ المسألة ٣٩٠.
(٥) رسائل الشريف المرتضى : ١ / ٢٧٢.
(٦) وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٠٦ الحديث ٣٣٣٣٤ و ١١٢ الحديث ٣٣٣٥٢ و ١١٨ الحديث ٣٣٣٦٢ و ٣٣٣٦٤ و ١١٩ الحديث ٣٣٣٦٧.