مع أنّ وجوب الجمعة كما يكون أدلّتها عامّة ، فكذلك وجوب الظهر بالقياس إلى ما نحن فيه ، وبعد التقاوم يكون البناء على التخيير.
مضافا إلى أصالة البراءة وأصالة عدم (١) زيادة التكليف ، وهي عدم جواز الظهر في مذهب ، وعدم جواز الجمعة في مذهب آخر ، ولزوم إحداهما. إلى غير ذلك ممّا ذكرنا في الحاشية (٢).
وممّا ذكر ظهر أنّ القول بالتخيير مع أفضليّة الجمعة أقوى ، بحسب الأقوال والأدلّة ، لكن الجمع أحوط وأولى ، بل واجب جزما على أصناف (٣) :
الصنف الأوّل : الجماعة الذين لا يكونون مجتهدين ولا مقلّدين من يجوز تقليده شرعا وعلم كونه ممّن يجوز تقليده ، فلو لم يقلّدوا أحدا ، أو قلّدوا من لم يثبت جواز تقليد مثله ، لزم عليهم الجمع بين الظهر والجمعة ، لأنّه من جملة ضروريّات الدين أنّهم مكلّفون في ظهر الجمعة ، إمّا بالظهر أو بالجمعة ، وهم يجزمون بذلك ، ولو أنكروا كانوا منكرين للضروري من الدين ، فيكونون كافرين بالكفر المقابل للإسلام ، فيجري عليه أحكام ذلك الكفر.
وإذا علموا ولم ينكروا لا جرم يجب أن يصدر منهم ما يبرئ ذمّتهم على سبيل اليقين ، لأنّ شغل الذمّة اليقيني يستدعي البراءة اليقينيّة إجماعا ، ولقوله عليهالسلام : «لا تنقضوا اليقين إلّا بيقين مثله» (٤) ، وغير ذلك ممّا مرّ في صدر الكتاب في حجّية الاستصحاب ، وللآيات (٥) والأخبار الدالّة على وجوب إطاعة
__________________
(١) في (د ٢) و (ز ٣) : عن ، بدلا من : وأصالة عدم.
(٢) الحاشية على مدارك الأحكام للوحيد رحمهالله : ٣ / ٢٣٥ و ٢٣٦.
(٣) في (ز ١) و (ز ٢) و (ط) و (د ١) : إلّا الخامس منهم.
(٤) انظر! تهذيب الأحكام : ١ / ٨ الحديث ١١ ، وسائل الشيعة : ١ / ٢٤٥ الحديث ٦٣١ مع اختلاف يسير.
(٥) النساء (٤) : ٥٩ و ٨٣ ، المائدة (٥) : ٩٢ ، الأنفال (٨) : ١ و ٢٠ ، النور (٢٤) : ٥٤ و ٥٦.