ومنه : قوله عليهالسلام : «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» (١) ، و «احتط لدينك بما شئت» (٢) وغير ذلك (٣) ، بل المجتهدون لمّا قالوا بأصالة البراءة قالوا باستحباب الاحتياط والتجنّب عن الريبة والشبهات ، كما حقّق في محلّه ، وبسطنا الكلام في رسالتنا في «أصالة البراءة» (٤).
مع أنّه إن ثبت التكليف وعلم به ، فلا معنى للاحتياط (٥) فيه ، إن لم يعلم ، فالأصل براءة الذمّة جزما ، لما حقّق فيها وفي غيرها ، ومرّت الإشارة في صدر الكتاب ، فانحصر الأمر في كون الاحتياط إمّا حراما ، وهو باطل عقلا وإجماعا ، بل ضرورة من الدين ، وثبت مطلوبيّته من أخبار متعدّدة (٦) ، وإمّا مستحبّا فثبت المطلوب.
وأمّا الإباحة والكراهة ؛ فلا يتّصف بهما العبادة ، للزوم الرجحان فيها.
الصنف السادس : جماعة جاهلون قاصرون أو غافلون ، أو متجاهلون متغافلون ، وهم الذين يقولون وجوب الجمعة في زمان الغيبة بالوجوب العيني ـ أيضا ـ من اليقينيّات ، ينسبون فقهاءنا المتقدّمين والمتأخّرين أرباب القوى القدسيّة ، والمؤسّسين لمذهب الشيعة ، والمروّجين لدين الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في رأس كلّ مائة ، والمتكفّلين لأيتام الأئمّة عليهمالسلام في زمان الغيبة ، وحجج الله على الأنام بعد الأئمّة عليهمالسلام ، إلى غير ذلك ممّا هو فيهم من المدائح التي لا يفي لذكرها الدفاتر ، بل كلّ
__________________
(١) عوالي اللآلي : ١ / ٣٩٤ الحديث ٤٠ ، وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٦٧ الحديث ٣٣٥٠٦ ، ١٧٣ الحديث ٣٣٥٢٦.
(٢) وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٦٧ الحديث ٣٣٥٠٩.
(٣) وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٥٤ الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي.
(٤) الرسائل الاصوليّة : ٤١٩.
(٥) كذا ، والظاهر : فلا معنى لوجوب الاحتياط.
(٦) وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٥٤ الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي.