وأمّا العدالة ؛ فهي عدم ظهور الفسق ، نسب ذلك إلى القدماء بأنّهم كانوا يقولون : معروفيّة مجرّد الإسلام يكفي (١) ، ومع ذلك (٢) مرادهم من الإسلام الإيمان ، أو هي الملكة ، أي الهيئة الراسخة في النفس تبعث على ملازمة التقوى والمروّة ، وهذا هو المشهور بين الأصحاب (٣) ، إذ عرّفوها في كتب الاصول والفقه بذلك.
أمّا ملازمة التقوى ؛ فبترك الكبائر والإصرار على الصغائر.
وأمّا المروّة ؛ فبأن يصون نفسه عن الأدناس وما يشينه عند الناس ، أو أن يتحرّز عمّا يسخر منه ، أو أن يسلك سلوك أمثاله عادة في زمانه ومكانه ، لا ما يخالف ذلك ، كلبس الفقيه [لباس] الجندي وبالعكس ، والتاجر لباس الحمّالين ، وأمثال ذلك ، مثل المشي في الأسواق مكشوف الرأس والبدن ، والكون بهذه الحالات في مجامع الناس ، ومدّ الرجلين فيها ، والأكل في الأسواق لغير السوقي ، وقبلة الزوجة والأمة بين الناس ، وحكاية ما جرى بينهما في الخلوة ، والإكثار من الحكايات المضحكة ، وأمثال ما ذكر ، والأشخاص والأزمنة والأمكنة متفاوتة في ذلك.
ومنهم من ترك قيد ملازمة المروّة (٤) ، ومنهم من جعله شرطا لقبول الشهادة (٥) ، ومنهم من جعله شطرا وشرطا جميعا (٦) ، ومنهم من جعل العدالة هي
__________________
(١) المقنعة : ٧٢٥ ، مختلف الشيعة : ٨ / ٤٨١.
(٢) في (د ٢) : ولعلّ.
(٣) لاحظ! مختلف الشيعة : ٨ / ٤٨١ ، مجمع الفائدة والبرهان : ٢ / ٣٥١ ، جامع المقاصد : ٢ / ٣٧٢ ، ذكرى الشيعة : ٤ / ١٠١.
(٤) مدارك الأحكام : ٤ / ٦٨ ، ذخيرة المعاد : ٣٠٣ ، الحدائق الناضرة : ١٠ / ١٦.
(٥) قواعد الأحكام : ٢ / ٢٣٧.
(٦) مسالك الأفهام : ١٤ / ١٦٩.