الناس في كلّ زمان إلى معصوم عليهالسلام ، وجعلوا أيضا من أعظم المطاعن على العامّة ، وأصحابهم الكلاميّة كانوا يعارضون مع العامّة ويخاصمون ويحتجّون بالأدلّة القرآنيّة والعقليّة عليهم ، وشاع وذاع ذلك منهم إلى أن نسب العامّة جميع الشيعة إلى المنع من العمل بخبر الواحد.
ثمّ لمّا رأوا عليهمالسلام أنّ الشيعة في البلدان كثيرون ، بل بلدانهم في غاية الكثرة والتشتّت ، وأنّه لا يتيسّر لكلّ فقيه عالم منهم أن يأخذ جميع شرعه بالخبر اليقيني ، سيّما مع كثرة اختلاف الأحكام منهم عليهمالسلام ، لسبب التقيّة والمصالح ، وغير ذلك من أسباب الاختلاف ، مثل وهم الراوي وغيره ، جوّزوا لهم العمل بأخبار الثقات من جهة عدم تمكّنهم من إيصال الحقّ الواقعي إلى كلّ واحد (١) منهم ، وشاع وذاع ذلك بين محدّثيهم ، وصرّحوا في كتب الحديث والرجال بالجواز عن الثقات ، وبحثوا عن توثيق الرجال وغيره ممّا تعلّق بالعمل به.
والسيّد رحمهالله لمّا كان انسه وإلفه بالكلام أزيد ، وكان من جملة المتكلّمين ، صرّح بالإجماع على المنع ، بل جعله من ضروريّات المذهب ووجّه كلام المحدّثين في الرجال والحديث بتوجيهات (٢).
والشيخ لمّا كان انسه بكلام المحدّثين أزيد وكان منهم ، صرّح بالإجماع على الجواز ، ووجّه كلام المتكلّمين وأدلّتهم بتوجيهات (٣) ، كما لا يخفى على المطّلع.
ولمّا كان توجيه كلّ واحد منهما عند نفسه ظاهرا ، بملاحظة ما وجده من الإجماع اطمئنّ بذلك الإجماع ، وإلّا فالّذي ظهر لي هو ما أشرت ، وأنّ حال
__________________
(١) في (د ١ ، ٢) : أحد.
(٢) رسائل الشريف المرتضى : ١ / ٢٤.
(٣) عدّة الاصول : ١ / ١٢٦ ـ ١٢٨.