بعض المحقّقين بهذا (١) ، مع أنّه لا بدّ من معروفيّة كونه مسلما مؤمنا ، حتّى يقال : يكفي مجرّد الإسلام ـ يعني المرادف للإيمان ـ ومعرفة الإسلام لا يتحقّق غالبا وعلى سبيل التعارف إلّا بالمعاشرة والمعروفيّة.
ولو لم يعرف أصلا من أين يعلم أنّه مسلم مؤمن؟ سيّما في ذلك الزمان المؤمن كان في غاية القلّة وشدّة التقيّة وستر المذهب ، إلّا من كان معروفا معاشرا ، فإذا لم يشاهد من مثله الفسق ، فهو عين حسن الظاهر ، لأنّ المعاشر المعروف إن ظهر منه فسق وصدر في حضور الناس ، لا جرم في مقام الدعوى يظهر ذلك على القاضي ، لأنّ الخصم في غاية بذل الجهد في قدحه وجرحه وإبطال شهادته ، فهو في مقام التفتيش والتجسّس عن حاله ، ولا يكاد يصدر منه فسق بمحضر الناس إلّا ويبرز ، والفقهاء أجمعوا على أنّه إن قدح المدّعى عليه في الشاهد يجب على القاضي الفحص (٢) عن حال الشاهد ، فكيف لا يظهر فسقه حينئذ؟
وإن أخفى فسقه ، فهو من أهل الستر والعفاف ، ويحرم على المسلمين تفتيش ما وراء ذلك من عثراته وعيوبه ، ويحرم إظهار عيوبه ، وإن أظهر مظهر (٣) يكون فاسقا مردود القول يجب ردّه.
ويشهد على ما ذكرنا رواية ابن أبي يعفور وغيرها من الروايات الآتية.
بل في رواية علقمة المذكورة أيضا إشارة ، حيث قال عليهالسلام : «فهو من أهل العدالة والستر» ، إذ ظاهر أنّه لو لم يكن فسقه بحضرة الناس يصير حسن الظاهر ، على ما نطقت به الأخبار وشهد عليه الاعتبار ، وإلّا يصير غير أهل العدالة
__________________
(١) النهاية ونكتها : ٢ / ٥٢ ، مختلف الشيعة : ٨ / ٤٨١ المهذّب : ٢ / ٥٥٦.
(٢) في (ز ٣) (د ٢) : التحقيق.
(٣) لم ترد في (د ٢) و (ز ٣) : مظهر.