وأنّه ليس كما قالوا ، بل كان أسهل ثمّ أسهل ، بأنّ العادل هو الذي يترك الفسق جهارا ، ولا يفعله بمحضر الناس ، على ما أشرت.
بل أشدّ ما ورد في أمر العدالة صحيحة ابن أبي يعفور (١) ـ التي ذكرها المصنّف ـ ومع ذلك صريحة في أنّ العادل هو الذي يستر عيوبه ، حتّى يحرم على المسلمين تفتيش ما وراء ذلك من عثراته وعيوبه ، لا أنّه الذي لا يكون له عيب ولا عثرة.
نعم ؛ لا بدّ أن لا يظهر ، فحينئذ إذا صدر منه باطنا يجب عليه إخفاؤه ، بحيث لو أظهره مظهر يصير المظهر (٢) فاسقا ، لحرمة الغيبة وإشاعة الفاحشة ووجوب ستر العثرة.
مضافا إلى حرمة التجسّس حيث قال تعالى (وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) (٣) ، وقال (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٤).
والأخبار الدالّة على التحريم وشدّة الحرمة والعقوبات الشديدة متواترة (٥) ، مضافا إلى إجماع المسلمين ، بل بداهة الدين.
والفاسق لا يجوز تصديقه ، ولا يقبل قوله شرعا ، للإجماع والآية والأخبار ، فيصير الساتر عادلا ، لحسن ظاهره وجدانا وباطنه بحكم الشرع ومقتضى قواعده.
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه : ٣ / ٢٤ الحديث ٦٥ ، وسائل الشيعة : ٢٧ / ٣٩١ الحديث ٣٤٠٣٢.
(٢) لم ترد : المظهر ، في : (د ١) و (ز ١ ، ٢).
(٣) الحجرات (٤٩) : ١٢.
(٤) النور (٢٤) : ١٩.
(٥) وسائل الشيعة : ١٢ / ٢٧٨ الباب ١٥٢ من أبواب أحكام العشرة.