ويعضد ذلك أصالة صحّة تصرّفات المسلم ، وما ورد من حمل أفعاله على الصحّة ، وتكذيب السمع والبصر ما يوجد إليه السبيل.
نعم ، لا بدّ من حسن الظاهر المتحقّق بالمعاشرة الظاهريّة ، لعدم كفاية مجرّد الإسلام لصراحة الأخبار ـ ومنها هذه الرواية ـ والشهرة بين الأصحاب ، بل شعار الشيعة عدم الكفاية ، وكانوا معروفين بذلك في الأعصار والأمصار حتّى في الشهادة ، لما عرفت من أنّ مراد الشيخ والقدماء بعد المعاشرة الظاهريّة وتحقّق المعروفيّة ؛ الإيمان وعدم انفكاك معروفيّة الإيمان ـ التي شرط إجماعا ونصوصا ـ عن معروفيّة حال الظاهر غالبا ، على حسب ما أشرنا سابقا.
وإنّما قلنا : إنّ هذه الرواية فيها مبالغة زائدة ، لتضمّنها ما ليس شرطا في العدالة أو معرفتها إجماعا ، للإجماع على عدم اعتبار صلاة الجماعة (١) ، فضلا عن معروفيّته بها ، وللإجماع على ثبوتها بشهادة العدلين.
بل ربّما اكتفى بعضهم بالعدل الواحد أيضا (٢) ، لعموم ما دلّ على حجيّة خبر الواحد العدل.
بل المشهور بين الفقهاء أنّ عدالة الرواة (٣) تكفي لثبوتها خبر الواحد ، وأنّها من مقولة الخبر لا الشهادة.
وبالجملة ؛ يظهر من التأمّل في هذه الرواية اعتبار امور في العدالة ، ومعرفتها ، لم يعتبرها أحد من الفقهاء ، بل إجماعهم على عدم اعتبارها.
ويمكن التوجيه بأنّ المراد أنّه بم يعرف كون الرجل معروف العدالة بين
__________________
(١) في (ز ٢) : الجمعة.
(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ١٢ / ٣٢٥.
(٣) في (ز ١ ، ٢) : بل المشتهر بين الفقهاء أنّ عدالة الراوي.