يشمل منافيات المروّة ، ولذا عطف على ما ذكر قوله : «باجتناب الكبائر» ، ثمّ قال عليهالسلام : «والدليل عليه أن يكون ساترا لعيوبه» ، ومنافي المروّة عيب عرفا ، لأنّ المروّة تنزيه النفس عن الدناءة التي لا تليق بأمثاله ، كما عرّفوه (١).
وما ذكره المصنّف من الخبل ونقصان العقل ، وقلّة المبالاة ، وقلّة الحياء ، لا شكّ في كونها عيوبا عرفا ، بل وعقلا أيضا ، بل وشرعا أيضا ، كما يظهر من الأخبار الواردة في الحياء وغيره ، مثل قولهم عليهمالسلام : «الحياء من الإيمان» (٢) ، و «لا إيمان لمن لا حياء له» (٣) ، وهما مقرونان إذا ذهب أحدهما تبعه الآخر (٤) ، فلاحظ الأخبار الواردة في أمثال ذلك (٥).
بل قوله عليهالسلام : «وأن لا يتخلّف عن جماعة المسلمين في مصلّاهم إلّا من علّة» (٦) يؤيّد ما ذكرناه ، إذ هو بمنافاة المروّة أنسب منه بالفسق ، إذ أشرنا إلى أنّ الأزمنة والأمكنة والأشخاص متفاوتة فيها ، فلعلّ ذلك الزمان كان التخلّف من غير علّة منافيات للمروّة بالنسبة إلى أهل بلد الراوي أو مطلقا.
وربّما كان عدم منافاته للمروّة في أمثال هذه الأزمنة من حدوث العلّة ، وهي اختلاف الفقهاء في العدالة ، بل المشهور جعلوها ملكة ، واعتبروا فيها ما اعتبروا ، حتّى اعتبروا التجنّب عن منافيات المروّة أيضا (٧).
__________________
(١) جامع المقاصد : ٢ / ٣٧٢ ، مسالك الأفهام : ١٤ / ١٦٩ ، مجمع الفائدة والبرهان : ٢ / ٣٥١.
(٢) وسائل الشيعة : ١٢ / ١٦٦ الحديث ١٥٩٧٠.
(٣) وسائل الشيعة : ١٢ / ١٦٦ الحديث ١٥٩٧١.
(٤) وسائل الشيعة : ١٢ / ١٦٦ الحديث ١٥٩٦٩ نقل بالمعنى.
(٥) وسائل الشيعة : ١٢ / ١٦٦ الباب ١١ من أبواب أحكام العشرة.
(٦) من تتمّة حديث ابن أبي يعفور المذكور.
(٧) مجمع الفائدة والبرهان : ٢ / ٣٥١ ، ذخيرة المعاد : ٣٠٣. الحدائق الناضرة : ١٠ / ١٣.