وأمّا بالنسبة إلى الإجماع ، فقد عرفت من الحاشيتين السابقتين أنّه لا محيص عنه في الأحكام الشرعيّة ، وأنّها لا تثبت إلّا به أو بمعونته.
ومن ذلك أنّ الأمر بغسل النجاسة (١) ظاهر وحقيقة في الوجوب لنفسه ، ونحن نفهم الوجوب لغيره ، وحقيقة في الوجوب الشرعي ، ونفهم الوجوب الشرطي ، ولذا نوجب في الوضوء ـ مثلا ـ أن يكون غاسل الوجه واليدين مثلا هو المخاطب بنفسه ، ولا نجوّز مباشرة غيره ، بخلاف غسل النجاسات ، بل نجوّز فيه أن يكون الغسل من غير إذنه ، بل ومع منعه عنه ، بل وأن لا يكون غاسل ، مثل أن يتحقّق بالمطر والوقوع في الماء ، مع أنّك عرفت أنّ الغسل لا يستلزم النجاسة أصلا ، فكيف يدلّ عليه؟ إلى غير ذلك ممّا مرّ.
وأيضا المستحبّات جلّها واردة بلفظ الأمر والفرض والوجوب وعليك أن تفعل. وأمثال ذلك ، كما في كتب الحديث والأدعية ، ولا نفهم سوى الاستحباب من دون معارض ، أو يكون في قليل من المقام معارض لا نطّلع عليه ، أو نطّلع لكن لا يتوقّف فهمنا عليه.
وأيضا الآية ظنيّة الدلالة ، والأخبار ظنيّة سندا ومتنا ودلالة وعلاجا للتعارض ، بل في كلّ منهما وجوه من الظنّ ، كما عرفت.
والأحكام القطعيّة من الكثرة بمكان ، ولا يمكن أن يصير الظنّ مستندا للقطع.
ومتمسّك المنكر الشبهات المخالفة للبديهة ، مثل أنّ العلم بإجماع الكلّ محال ، لتوقّفه على أن يدار [في] البيوت ، ويسمع من كلّ واحد واحد ، مع أنّه متى سمع من واحد فحين ما يسمع من الآخر لعلّ الأوّل رجع عن رأيه.
__________________
(١) في (ز ٢) و (ط) و (د ٢) : النجاسات.