ومثل أنّ غير المعروف بشخصه ونسبه ، كيف يمكن العلم بقوله؟
ومثل أنّ الحكم إن صدر من الشارع (١) فحديث ، وإلّا فكيف يمكن العلم به؟
ومثل أنّ طريقة الرواة والمحدّثين كانت الاقتصار على الآية والحديث إلى أن وصل إلى زمان المفيد رحمهالله ومن بعده ، فأحدثوا البدعة في الدين ، وتبعوا العامّة.
ومثل أنّ كلّ واحد من المجمعين يجوز خطأه البتة ، فكذلك المجموع.
ومثل أنّ الإجماع لو كان حجّة لكان خلافة أبي بكر حقّا ، وأمثال ما ذكر من المزخرفات ، سيّما مع مخالفتها لما وجدت بالعيان من الإجماعات الضروريّة.
فإنّا نعرف بالبديهة أنّ المسلمين في شرق الأرض وغربها مجمعون على أنّ الله سبحانه وتعالى موجود وواحد ، ومحمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم رسوله ، والصلاة واجبة ، وغير ذلك ممّا لا يحصى كثرة.
وعلى فرض أن لا نعلم أنّ جميعهم كذلك ، فلا شكّ أنّ أكثرهم كذلك ، مع أنّا ما درنا في البيوت ولم نسمع منهم ولم نعرف شخصهم ولا نسبهم.
فإن قلت : لعلّ وجود الأدلّة اليقينيّة والأخبار المتواترة في الامور المذكورة صار سببا ليقيننا.
قلت : ليس كذلك ، إذ كثيرا ما يكون أدلّة يقينيّة وأخبار متواترة ولم نجد إجماعهم ، بل نجد عدم إجماعهم كما في أدلّة العدل والإمامة ، وغير ذلك.
وربّما كان المجمع عليه لم يرد فيه خبر أصلا ، مثل نجاسة ماء الورد الذي لاقاه خرء الخنزير والفأرة ، إذ لم نجد آية ولا حديثا في نجاسة خرء الخنزير وغيره ، ولا انفعال ماء الورد به ، وكذا الحال في سائر أرواث ما لا يؤكل لحمه ، والمياه المضافة ، وغير ذلك من الأحكام.
__________________
(١) في (د ١ ، ٢) : الشرع.