والسراية إلى آخر بالتطلّع والتظافر والتسامع بأنّه يجب كذا ، ويستحبّ كذا ، وأمثال ذلك ، كما هو الحال في الإجماعات الضروريّة والنظريّة وغيرهما ، وكما هو الحال في مقلّدي المجتهدين ، وجميع تبعة أرباب الشرائع الصحيحة أو الفاسدة.
ومن هذا ترى أمّة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في زمانه كانوا من الكثرة بحيث لا يحصون ، وكذا شيعة الباقر وكذا الصادق عليهماالسلام ، وغيرهما إلى القائم عليهالسلام ، ومع ذلك لا يوجد من ألف ألف ألف رجل منهم يكون راويا ، وذلك الراوي ما روى من ألف ألف ألف حكم إلّا حكما.
بل مثل زرارة ممّن كثر عنه الرواية مجموع رواياته ما يفي بعشر معشار الشرع ، ولا شكّ في أنّه كان لهم شرع.
بل الكليني لم يكن مذهبه مقصورا في رواياته ، إذ كثيرا من بديهيّات مذهب الشيعة لم يروه ، وكثيرا ما روي ما هو مخالف لمذهب الشيعة من غير أن يروي المعارض ، مثل ما أشرنا إليه في أمر المستحبّات ، ولا شكّ أنّ مداره كان على الإجماع ، وربّما صرّح بالإجماع ، وأنّه بسببه رفع اليد عن الأخبار التي ذكرها ، مع تصريحه بكونها صحيحة كما فعل في كتاب الميراث (١) وغيره.
وكذا الحال في الفقهاء المتقدّمين على الكليني ، كما لا يخفى على المطّلع ، وكذا في المتأخّرين عنه مثل الصدوق رحمهالله ، سيّما مع تصريحه كثيرا بأنّ ذلك مذهب الإماميّة وعقائدهم ، كما في اعتقاداته (٢) ، وأماليه (٣) ، وغيرهما (٤).
وممّا ينبّه على ما ذكرنا أنّ الرواة حين ما كانوا يسألون عن الأئمّة عليهمالسلام يظهر
__________________
(١) الكافي : ٧ / ١١٥ ذيل الحديث ١٦.
(٢) انظر! على سبيل المثال اعتقادات الصدوق : ٣ و ٩ و ١٠ و ١٤.
(٣) أمالي الصدوق : ٥١٠ المجلس ٩٣.
(٤) الهداية : ٤٨.