بالمجمع عليه بين الأصحاب ، معلّلا بأنّ المجمع عليه لا ريب فيه (١) ، والدلالة واضحة.
والقول بأنّ المراد الخبر المجمع عليه فلا ينفع الإجماع ، مبني على الجهل بالإجماع ، إذ عرفت أنّ الإجماع هو خبر بالأصل ، إلّا أنّه لم يصل إلينا بعنوان معنعن ظنّي ، بل وصل بعنوان علم يقيني ، فكون الظنّي حجّة دون اليقيني لا يتكلّم به إلّا أحمق غبيّ ، مع أنّ العلّة المذكورة عقليّة يقينيّة لا تعبّديّة شرعيّة.
فما ذكر ـ من أنّ السند ظنّي ، فكيف يصير دليل العلمي ـ اتّضح فساده ، إذ حال هذا الخبر حال الأخبار المتضمّنة للدليل على وجود الله سبحانه ووحدته وعدالته ، وأمثالها ، مع أنّه مقبول عند الكلّ ، وموافق لما ورد في القرآن من قوله : (وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ) (٢) الآية ، والأخبار المتضمنّة للأمر بلزوم الجماعة ، والمنع عن التفرقة (٣) ، فإنّ المستضعفين إن أخذوا بما اتّفق عليه المسلمون نجوا ، ولا يزال طائفة من أمّتي على الحقّ ، وما ورد في شأن الأئمّة عليهمالسلام : إنّهم نشروا شرائع الأحكام وبيّنوا الحلال والحرام (٤) ، وأمثال ذلك.
هذا كلّه إذا كان الحكم ممّا لم يعمّ به البلوى ، وإذا كان ممّا يعمّ ، فلا شكّ في أنّه بمجرّد صدوره عن الشارع ينشر ويشيع ، لعموم البلوى به ، وكثرة الحاجة التي هي سبب لكثرة المزاولة والمداولة والتكلّم به وإظهار حكمه ، كما هو مقتضى العادة.
وكلّما طال الزمان يشتدّ ما ذكرنا ، ويزيد انتشارا واشتهارا وشيوعا وذيوعا ، فإذا أجمع مثل من أشرنا إليه من الفقهاء على حكم ذلك ، فلا شكّ ولا شبهة في
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٠٦ الحديث ٣٣٣٣٤.
(٢) النساء (٤) : ١١٥.
(٣) راجع! الكافي : ١ / ٤٠٣ الحديث ١ و ٢ ، بحار الأنوار : ٢ / ١٤٨ الحديث ٢٢ و ٢٦٦ الحديث ٢٤ و ٢٥.
(٤) راجع! الكافي : ١ / ١٩٨ باب نادر جامع في فضل الإمام وصفته.