وأشرنا فيما سبق إلى ذرّة من فضلهم وقطرة من بحار علمهم ، الذي ببركتهم اهتدوا ، وبتأسيسهم نجوا عمّا ذهب إليه المخالفون والكافرون في اصول الدين وفروعه ، إذ مدارهم فيما عليهم غالبا وفيما خالفوهم إنكار لضروري العقل والنقل ، أو قطعيتهما (١) بالبديهة ، ما دعاهم إلى ما ذكر إلّا شبهات سوفسطائية مخالفة للبديهة.
منها : أنّ موافقة الفقهاء تقليد ، وما لم يخالفهم أحد لم يكن فقيها جديدا ، وأنّ الفقه العتيق ليس بشيء ، بل الفقيه من يحصّل فقها جديدا.
ومنها : أنّ شرائط الاجتهاد باطلة ، بل مفسدة ، لأنّها ليست بحديث ، ولأنها من بدع العامة ، سيّما اصول الفقه ، لأنّ المعصومين حين ما كانوا يخاطبون الرواة ما كانوا يخاطبون بشرائط الاجتهاد ، وكذا الراوي لراو آخر ، وهكذا.
ولا يخفى أنّ الراوي عن المعصوم عليهالسلام كان يعلم أنّ الخطاب كلامه ، ويعلم مرامه ، ولم يكن له معارض أو كان ، لكن علمه العلاج.
وأمّا نحن فلا نعلم الحال ـ بحسب السند ، وكذا بحسب المتن ـ أنّ المتن نفس عبارة المعصوم عليهالسلام أم لا ، وبحسب الدلالة ، لأنّ المعتبر اصطلاح المعصوم عليهالسلام مع الراوي بالبديهة ولم يظهر لنا ، وكون العبرة باصطلاح زماننا أو أهل اللغة عند الانفراد أو الاجتماع والتعارض يحتاج إلى دليل ، وأنّه ربّما كان قرينة حاليّة أو مقاليّة انعدمت من الصدمات التي ظهرت لنا ، أو تبدّلت ، أو لم يكن فحدثت كما ظهر كثيرا.
وكذا الحال في التعارض ، إذ لا يكاد يتحقّق بغير معارض ، وإنّ العلاج هل الجمع ، أو الترجيح؟ وكذا كلّ نوع منهما. إلى غير ذلك ممّا أشرنا إليه في رسالتنا في
__________________
(١) في (د ٢) زيادة : أو علميّتهما.