ومن هذا ترى العلماء يتعرّضون لذكر مذهب الكفّار وأهل الضلال ، بل الزنادقة الملاحدة ، بل شبهات سوفسطائيّة ، وردّوا عليهم ، ولم يتعرّضوا لذكر أقوال الأخباريّين ، ولا واحد منها لا في اصول الدين ولا في فروعه ، حتّى لأجل الردّ عليهم ، ولم يعتنوا بشأنهم أصلا ورأسا ، وتعرّض نادر من المتأخّرين لداع دعاه ، لكن قال فيهم ما قال (١).
ثمّ اعلم! أنّ المصنّف رحمهالله إذا رأى مع إجماع العلماء خبرا ولو كان ضعيفا ، يحكم بأنّه إجماع ، وإن لم ير معه خبرا يقول : قالوا : إنّه إجماع ، وإن وجد عوض الخبر ظنيّا آخر ، بل ظنيّا متعدّدا ، كما اتّفق منه في تحريم الزنا بذات البعل وذات العدّة الرجعيّة ، فإنّه نقل موضع الخبر قياسين بطريق أولى (٢).
مع أنّ الاستقراء أيضا يعضدهما فإنّ حالهما بحسب الشرع واحد غالبا ، ويعضده أيضا أنّهم نقلوا النصّ على أنّ ذات العدّة الرجعيّة بحكم ذات البعل (٣) ، وغير ذلك ممّا أشرنا في «حاشية الكفاية» (٤) ، وكذا حاله في غير هذا الموضع ، وشاع ذلك بين تابعيه.
وغير خفي أنّ هذا ليس إلّا مجرّد الاشتباه ، كما لا يخفى.
شبهة منكر حجّيّة الإجماع المنقول بخبر الواحد ؛ أنّه ظنّيّ.
وفيه ؛ أنّ حاله حال خبر الواحد ، بل هو نوع منه ، كما عرفت.
وشبهة اخرى ؛ إنّ الناقل لو كان مثل السيّد والشيخ ومن تأخّر عنهما ، بعد حصول القطع لهم بقول المعصوم ـ صلوات الله عليهم ـ لتوقّف ذلك على العلم
__________________
(١) الوافية : ٢٦٠ ـ ٢٨٠ و ٢٨٣ ـ ٢٩٩.
(٢) مفاتيح الشرائع : ٢ / ٢٤٤.
(٣) وسائل الشيعة : ٢٠ / ٤٥٥ الحديث ٢٦٠٨١.
(٤) الحاشية على كفاية المقتصد (مخطوط).