ذلك لغيره ، على حد كونه له ، لانه لا يقدر احد ممن آمن بالله واليوم الاخر ، وجاهد في سبيل الله تعالى ممن عداه ان يفتخر على العباس لموضع نسبه العريق (١) ، وقربه اللصيق ، وان كان اسبق منه إلى الايمان ، واكثر جهادا ، وانما اتى القديم تعالى بتفضيله في هذه الاية عقيب افتخاره لموضع ما جعل الله تعالى له من ولاية الامة ، وشركه في ذلك بما وجب له تعالى من ذلك ، وما وجب لرسوله صلى الله عليه وآله بقول : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) (٢) ولموضع ما جعل النبي صلى الله عليه وآله بقوله : من كنت مولاه فعلى مولاه ، وشهادة عمر عند ذلك ، بقول : بخ بخ لك يابن ابى طالب وقال : يا على اصبحت مولاى ومولى كل مؤمن ومؤمنة ، وفى الصحاح : مولى كل مؤمن ومؤمنة.
وعلى كلا الروايتين فكل من كان مؤمنا كان على عليه السلام مولاه ، فمن ثبت له الايمان ، ثبتت له السيادة عليه ، ومن لم يثبت له الايمان ، فلا حاجة إلى ذكره لموضع احتقاره.
ويزيده تأكيدا قوله صلى الله عليه وآله : انت ولى كل مؤمن بعدى ومؤمنة.
وقوله ايضا : لا يؤدى عنى الا انا أو على.
وقوله صلى الله عليه وآله : على منى وانا من على ، بذلك كله وبامثاله ، لا بنفس الايمان والجهاد ، بل باضافة الايمان والجهاد إلى هذه المراتب المستحقة العلية الشريفة ، بطلت المناظرة والمشابهة ، لا بنفس الايمان والجهاد ، وان كان في الايمان ، فهو الاسبق وفى الجهاد فهو الاقوم ، الذي لا ينكل ولا يفر ، ولا تأخذه في الله تعالى لومة لائم.
ويزيده ايضاحا وبيانا : ان الله سبحانه وتعالى تمدح بنفى الرؤية عن نفسه ،
__________________
(١) العرق : اهل الشرف واهل السلامة في الدين ـ لسان العرب.
(٢) المائدة : ٥٥.