قال الثعلبي : قال الحسن : كان المسلمون يسمون هذه السورة : «الحفارة» حفرت ما في قلوب المنافقين ، فاظهرته ، قال ابن كيسان : نزلت هذه الاية في اثنى عشر رجلا من المنافقين وقفوا للرسول الله صلى الله عليه وآله في العقبة لما رجع النبي صلى الله عليه وآله من غزوة تبوك ليفتكوا به إذا علاها ومعهم رجل مسلم يخفيهم شأنه وتنكروا له في ليلة مظلمة فاخبر جبرئيل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وآله بما قدروا ، وامره أن يرسل إليهم من يضرب وجوه رواحلهم فضربها حتى نحاهم فلما نزل قال : يا حذيفة من عرفت من القوم؟ قال : لم أعرف منهم احدا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : فانه فلان وفلان حتى عدهم كلهم. فقال حذيفة : الا تبعث إليهم فتقتلهم؟ فقال اكره ان تقول العرب : لما ظفر محمد باصحابه اقبل بقتلهم بل يكفيناهم الله بالدبيلة.
قيل يا رسول الله : وما الدبيلة؟ قال : شهاب من جهنم يضعه على نياط (١) فؤاد احدهم حتى تزهق نفسه (٢) وكان كذلك قال : وقال ابن عباس (رض) في هذه الليلة : ما اشبه الليلة بالبارحة ، هؤلاء بنو اسرائيل شبهنا بهم قال : وقال ابن مسعود (رض) : انتم اشبه الامم ببنى اسرائيل سمتا وهديا (٣) وعملا ، حذو القذة بالقذة : غير انى لا ادرى أتعبدون العجل ام لا؟ قال : وقال الضحاك : خرج المنافقون مع رسول الله إلى تبوك ، فكان إذا خلى بعضهم ببعض سبوا رسول الله صلى الله عليه وآله واصحابه وطعنوا في الدين ، فنقل ما قالوا حذيفة إلى رسول الله فقال : يا اهل النفاق ، ما هذا الذي بلغني عنكم فحلفوا لرسول الله صلى الله عليه وآله : ما قالوا شيئا من ذلك ، فانزل الله تعالى : (يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا) (٤) الاية.
وقال الكلبى : هم خمسة عشر رجلا منهم : عبد الله بن ابى وعبد الله بن سعد بن ابى سرح وطعمة بن ابيرق والجلاس بن سويد وابو عامر بن النعمان وابو الاحوص ، هموا ليلا بقتل النبي صلى الله عليه وآله في غزوة تبوك فاخبر جبرئيل عليه السلام بذلك النبي صلى الله عليه وآله.
__________________
(١) نياط القلب وهو العرق الذي القلب متعلق به ـ لسان العرب.
(٢) لقد نقلنا ص ٣٣٢ من صحيح مسلم هذه الرواية الا ان في صحيح مسلم : قيل وما الدبيلة؟ قال : الدبيلة سراج من النار يظهر من اكتفاهم حتى ينجم من صدورهم.
(٣) السمت والهدى : الحالة التي يكون عليها الانسان من المذهب.
(٤) التوبة : ٧٤.