قوله : (في اعتبار التواري). إلى آخره.
المشهور بين الأصحاب أنّ الإياب مثل الذهاب يعتبر فيه حدّ الترخّص للقصر ، فيقصّر إلى أن يبلغ سماع الأذان ورؤية الجدران ، لقوله عليهالسلام ـ في صحيحة ابن سنان التي أوردناها لحدّ الترخّص في الذهاب والإياب ـ : «وإذا قدمت من سفرك مثل ذلك» (١).
فإذا كانت مستند القوم في الذهاب ـ حتّى المنكرين لما ذهب إليه المشهور ـ وجعلت حجّة له ، فلا وجه للتفكيك ، وعدم جعلها حجّة للإياب ، مضافا إلى ما عرفت من أنّ الظاهر أنّ اعتبار هذا الحدّ لتحقّق الغيبة عن الوطن وعدم الحضور فيه الموجب للإتمام.
وهذه الصحيحة وإن وردت في سماع الأذان ، إلّا أنّك عرفت أنّه لا فرق بينه وبين خفاء الجدران ، وأنّ كليهما أمارتان لمقدار واحد ومسافة واحدة.
مع أنّك عرفت أنّه لا إشكال علينا ، لتمكّننا من سماع الأذان ولو لم نتمكّن نقدّر ، كما إذا لم نتمكّن من رؤية الجدران أيضا ، وما قاله في «الشرائع» من قوله : وكذا في عوده يقصّر حتّى يبلغ سماع الأذان من مصره (٢) ، ليس مراده أنّ رؤية الجدران ليست معتبرة في الإياب ، كما بيّناه في الحاشية على «المدارك» (٣).
ونقل عن المرتضى ، وابن الجنيد أنّهما يقولان : المسافر يقصّر في العود حتّى يبلغ منزله (٤).
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٨ / ٤٧٢ الحديث ١١١٩٦.
(٢) شرائع الإسلام : ١ / ١٣٤.
(٣) الحاشية على مدارك الأحكام للوحيد رحمهالله : ٣ / ٤١٣.
(٤) نقل عنهما في مدارك الأحكام : ٤ / ٤٥٨.