حدّثنا صالح عن سعيد بن جبير عن أبي عثمان اليهري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أحبّكم إلى الله (١) أحسنكم أخلاقا الموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون ، وأبغضكم إلى الله المشّاءون بالنميمة المفرّقون بين الأخوان (٢) الملتمسون للبراء العنت» [٨] (٣).
(فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (٥) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (٦) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (٧) فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (٨) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (٩) وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ (١٠) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (١١) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢) عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ (١٣) أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ (١٤) إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٥))
(فَسَتُبْصِرُ) فسترى يا محمد (وَيُبْصِرُونَ) ويرون يعني الذين رموه بالجنون. (بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ) اختلف المفسرون في معنى الآية ووجهها ، فقال قوم : معناه بأيّكم المجنون ، وهو مصدر على وزن المفعول كما يقال : ما لفلان مجنون ومعقود ومعقول أي جلادة وعقد وعقل ، قال الشاعر :
حتّى إذا لم يتركوا لعظامه |
|
لحما ولا لفؤاده معقولا (٤) |
أي عقلا ، وهذا معنى قول الضحاك : ورواية العوفي عن ابن عباس.
وقيل : الباء بمعنى في مجازه : (فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ) في أي الفريقين المجنون في فريقك يا محمد أو في فريقهم.
والمفتون : المجنون الذي فتنه الشيطان. وقيل : تأويله (بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ) وهو الشيطان ، وهذا معنى قول مجاهد.
وقال آخرون : معناه : أيّكم المفتون والباء زائدة لقوله تعالى : (تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ) (٥) و (يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ) (٦) وهذا قول قتادة والأخفش [وأبي عبيد] (٧).
وقال الراجز :
نحن بنو جعدة أصحاب الفلج |
|
نضرب بالسيف ونرجو بالفرج |
__________________
(١) في المصدر : إليّ.
(٢) في المصدر : الأحبّة.
(٣) المعجم الأوسط : ٧ / ٣٥٠.
(٤) فتح القدير : ٥ / ٢٦٨.
(٥) سورة المؤمنون : ٢٠.
(٦) سورة الإنسان : ٦.
(٧) تفسير القرطبي : ١٨ / ٢٢٩.