(أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً * وَالْجِبالَ أَوْتاداً * وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً) أصنافا ذكورا وإناثا.
(وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً) راحة لأبدانكم ، والنائم مسبوت لا يعلم ولا يعقل كأنّه ميّت ، (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً) غطاء وغشاء يلبس كل شيء بسواده (وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً) سببا لمعاشكم والتصرّف في مصالحكم فسمّاه به كقول الشاعر :
وأخو الهموم إذا الهموم تحضّرت |
|
[جنح] الظلام وساده لا يرقد (١) |
فجعل الوسادة هي التي لا ترقد والمعنى لصاحب الوسادة.
(وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً * وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً) مضيئا منيرا وقّادا حارّا وهي الشمس. (وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ) قال مجاهد ومقاتل وقتادة : يعني الرياح التي تعصر السحاب ، وهي رواية العوفي عن ابن عباس ومجازه على هذا التأويل بالمعصرات (مِنَ) بمعنى الباء كقوله سبحانه : (مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ) (٢) وكذلك كان عكرمة يقرأها وأنزلنا بالمعصرات وروى الأعمش عن المنهال عن ابن عمرو وعن قيس بن سكن قال : قال عبد الله في قوله : (وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً) قال : بعث الله سبحانه الريح فحمل الماء من الماء فتدرّ كما تدر اللقحة (٣) ثم يبعث الماء كأمثال العزالي فتضرب به الرياح فينزل متفرّقا (٤).
قال المؤرّخ : المعصرات : ذوات الأعاصير ، وقال أبو العالية والربيع والضحاك : هي السحاب التي تجلب المطر ولم تمطر كالمرأة المعصر ، وهي التي دنا حيضها ، قال أبو النجم : قد أعصرت أو قد دنا اعصارها.
وهذه رواية الوالي عن ابن عباس. قال المبرّد : المعصرات الفاطرات ، وقال ابن كيسان : المغيثات من قوله (يَعْصِرُونَ) وقال أبي بن كعب والحسن وسعيد بن جبير وزيد بن أسلم ومقاتل بن حيان : (مِنَ الْمُعْصِراتِ) أي من السموات.
(ماءً ثَجَّاجاً) أي صبابا ، وقال مجاهد : مدرارا ، قتادة : متتابعا يتلوا بعضه بعضا ، وقال ابن زيد : كثيرا.
(لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَباتاً وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً) مجتمعه ملتفة بعضه ببعض وواحدها ألفّ في قول [نحاة] البصرة وليس بالقوى وفي قول الآخرين واحدها لف ولفيف وقيل : هو جمع الجمع يقال : جنّة لفا [وبنت] لف وجنان لف بضم اللام ثم تجمع اللف ألفافا.
__________________
(١) تفسير الطبري : ٣٠ / ٦ مورد الآية.
(٢) سورة القدر : ٤ ـ ٥.
(٣) في نسخة المصدر : ناقة.
(٤) السنن الكبرى للبيهقي : ٣ / ٣٦٤.