(وَلا شَراباً) يرويهم من العطش ، (إِلَّا حَمِيماً) وأنبأني عبد الله بن حامد قال : أخبرنا حامد بن محمد قال : حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حماد قال : حدّثنا محمد بن علي الحسن الشقيقي قال : سألت أبا معاذ النحوي الفضل بن خالد المروزي يقول في قوله سبحانه : (لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً) قال : البرد : النوم ، ومثله قال الكسائي وأبو عبيده وانشدوا فيه :
بردت مراشفها عليّ فصدّني |
|
عنها وعن قبلاتها البرد (١) |
والعرب تقول : منع البرد البرد ، يعني أذهب البرد النوم ، قال الفراء : إنّ النوم ليبرّد صاحبه وإنّ العطشان لينام فيبرد غليله ؛ فلذلك سمي النوم بردا ، قال الشاعر :
وان شئت حرّمت النساء سواكم |
|
وان شئت لم أطعم نقاخا (٢) ولا بردا (٣) |
وقال الحسن وعطاء : (لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً) أي روّحا وراحة.
(جَزاءً) نصب على المصدر ، مجازه : جازيناهم جزاء.
(وِفاقاً) وافق أعمالهم وفاقا كما نقول : قاتل قتالا عن الأخفش ، وقال الفراء : هو جمع وفق والوفق واللفق واحد ، قال الربيع : جزاء بحسب أعمالهم ، الضحاك : على قدر أعمالهم ، مقاتل : وافق العذاب الذنب فلا ذنب أعظم من الشرك ولا عذاب أعظم من النار ، الحسن وعكرمة : كانت أعمالهم سيئة فأثابهم الله بما يسوءهم.
(إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ) يخافون (حِساباً وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً) تكذيبا قال الفراء : هي لغة يمانية فصيحة ، يقولون : كذّب كذّابا ، وخرّقت القميص خرّاقا ، كل فعّلت فمصدرها فعّال في لغتهم مشدّد ، قال : وقال لي إعرابي منهم : علي المروّة ستفتيني الحلاق أحب إليك أم القصاب وأنشدني بعض بني كلاب :
لقد طال [ما ثبطتني] عن صحابي |
|
وعن حوج قضاؤها من شفائنا (٤) |
(وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً * فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً) أخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا السنّي قال : أخبرني ابن منجويه قال : حدّثنا أبو داود الحراني قال : حدّثنا شعيب بن حيان قال : حدّثنا مهدي بن ميمون قال : حدّثنا وسمعت الحسن بن دينار سأل الحسن عن أشد آية في القرآن على أهل النار فقال الحسن : سألت أبا برزة الأسلمي فقال : سألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً».
__________________
(١) جامع البيان للطبري : ٣٠ / ١٧.
(٢) النقاخ : الماء البارد الصافي.
(٣) الصحاح : ٢ / ٤٤٦.
(٤) تفسير الطبري : ٣٠ / ٢٢.