يقال : إذا قام زيد قعد عمر ، وقال ابن عباس في قوله : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) إلى قوله : (عَلِمَتْ) : اثنتا عشرة خصلة ستة في الدنيا وستة في الآخرة.
(فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ) قال قوم : هي النجوم الخمسة الذراري السيارة تخنس في مجارتها فترجع ورائها ويكنس في وقت اختفائها غروبها كما يكنس الظباء في مغارها ، وقال قتادة : هي النجوم تبدوا بالليل وتخفى بالنهار فلا ترى ودليل هذا التأويل ما روى شعبة عن سماك عن خالد بن عرعرة أن رجلا من مراد قال لعلي : ما الخنس (الْجَوارِ الْكُنَّسِ)؟ قال : هي الكواكب تخنس بالنهار فلا ترى وتكنس بالليل فتأوي إلى مجاريها ، وهي بهرام وزحل وعطارد والزهرة والمشتري ، قال ابن زيد : معنى الخنس : أنها تخنس أي تتأخر عن مطالعها كل سنة لها في كل عام تأخر يتأخره عن تعجيل ذلك الطلوع يخنس عنه والكنس يكنسن بالنهار فلا ترى.
وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن النواب قال : حدّثنا رضوان بن أحمد بن عبد الجبار قال : حدّثنا أبو معونة عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الله في قوله سبحانه : (الْجَوارِ الْكُنَّسِ) قال : هي بقر الوحش ، وإليه ذهب إبراهيم وجابر بن زيد وقال سعيد بن جبير : هي الظباء وهي رواية العوفي عن ابن عباس.
وأصل الخنس الرجوع إلى وراء ، والكنوس أن يأوي إلى مكانسها ، وهي المواضع التي يأوي إليها الوحش قال الأعشى :
فلما لحقنا الحي أتلع أنس |
|
كما أتلعت تحت المكانس ربرب (١) |
ويقال لها الكنائس أيضا ، قال طرفه بن العبد :
كأن كناسي ضالة يكنفانها |
|
وأطرقسي تحت صلب مؤيد (٢) |
وقال أوس بن حجر :
ألم تر أن الله أنزل مزنه |
|
وعفر الظباء في الكناس تقمع (٣) |
(وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ) قال الحسن : أقبل بظلامه ، وقال الآخرون : أدبر ، يقول العرب : عسعس الليل وسعسع إذا أدبر ولم يبق منه إلّا اليسير ، قال علقمة بن فرط :
حتى إذا الصبح لها تنفسا |
|
وانجاب عنها ليلها وعسعسا (٤) |
وقال رؤبة :
__________________
(١) جامع البيان للطبري : ٣٠ / ٩٦.
(٢) جامع البيان للطبري : ٣٠ / ٩٦.
(٣) المصدر السابق.
(٤) جامع البيان للطبري : ٣٠ / ٩٩.