ابني الزبير وعمر بن عبد العزيز وأبي عبد السلمي ورواية سعيد بن جبير عن ابن عباس ومعناه يتهمهم يقال : فلان يظن بمال ويزن بمال أي يتّهم به ، والظنّة : التهمة ، قال الشاعر :
أما وكتاب الله لا عن شناءة |
|
هجرت ولكن الظنين ظنين (١) |
واختار أبو عبيد هذه القراءة وقال : أنهم لم يبخّلوه فيحتاج أن ينفى عنه ذلك البخل ، وإنما كذّبوه واتهموه ، ولأنّ الأكثر من كلام العرب ما هو بظنين بكذا ولا يقولون على كذا إنّما يقولون : ما أنت على كذا بمتهم ، وقيل بظنين. بضعيف حكاه الفراء والمبرّد يقال : رجل ظنين أي ضعيف ، وبئر ضنون إذا كانت ضعيفة الماء ، قال الأعشى :
ما جعل الجد الظنون الذي |
|
جنّب صوب اللجب الماطر |
مثل الفراتي إذا ما طما |
|
يقذف بالبوصي والماهر (٢) |
(وَما هُوَ) يعني القرآن (بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ) يعني قال : أين تعدلون عن هذا القرآن ، وفيه الشفاء والبيان ، قال الكسائي : سمعت العرب تقول : انطلق به الغور ، وحكى الفراء عن العرب : ذهبت الشام وخرجت العراق وانطلقت السوق ، أي [...] (٣) قال سمعناه في هذه الأحرف الثلاثة وأنشدني بعض بني عقيل :
تصيح بنا حنيفة إذ رأتنا |
|
وأي الأرض تذهب بالصياح (٤) |
يريد إلى أي الأرض تذهب.
وقال الواسطي : (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ) من ضعف إلى ضعف ارجعوا إلى فسحة الربوبيّة ليستقر بكم القرار ، وقال الجنيد : معنى هذه الآية مقرون بآية اخرى وهو قوله سبحانه وتعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ) (٥) فأين يذهبون.
(إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ) أي يتبع الحق ويعمل به ويقيم عليه ثم قال : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) أخبرنا أبو بكر بن عبدوس المزكى قال :أخبرنا أبو حامد بن بلال البزاز قال : حدّثنا أحمد بن يوسف السلمي قال : حدّثنا أبو مسهر قال :حدّثني سعيد عن سليمان بن موسى قال : لما أنزل الله سبحانه وتعالى (لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ)
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١٩ / ٢٤٢.
(٢) تفسير القرطبي : ١٩ / ٢٤٢ ، والجد : البئر ، والفراتي : نسبة للفرات ، والبوصي : ضرب من السفن ، والماهر : السابح.
(٣) بياض في المخطوط.
(٤) تفسير القرطبي : ١٩ / ٢٤٣.
(٥) سورة الحجر : ٢١.